منتدى الشيخ أبوالبراءالأحمدى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الشيخ أبوالبراءالأحمدى

قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 تلاخيص دورة تفسير سورة مريم

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المشتاقة للجنان




عدد المساهمات : 50
تاريخ التسجيل : 09/06/2008

تلاخيص دورة تفسير سورة مريم Empty
مُساهمةموضوع: تلاخيص دورة تفسير سورة مريم   تلاخيص دورة تفسير سورة مريم I_icon_minitimeالسبت 05 يوليو 2008, 8:31 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ستكون هذه الصفحة ان شاء الله خاصة بتلاخيص دورة تفسير سورة مريم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المشتاقة للجنان




عدد المساهمات : 50
تاريخ التسجيل : 09/06/2008

تلاخيص دورة تفسير سورة مريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلاخيص دورة تفسير سورة مريم   تلاخيص دورة تفسير سورة مريم I_icon_minitimeالسبت 05 يوليو 2008, 8:34 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الأول
ألقى هذا الدرس استاذتنا : " أم إيمان "
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلاهادى له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، اللهم صلى على محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين
اما بعد:ـ
بعد أن أتممنا تفسير سورة الكهف بحمد الله نسأل الله أن ينفعنا بما تعلمناه ويعيننا على مواصلة طريق العلم وتفسيرنا لكتاب الله عز وجل
هنا ننتقل لسورة مريم و نجد ترابط بينها وبين سورة الكهف

وهنا بعض أوجه الترابط بين سورتي مريم والكهف :ـ
ا1-القصص العجيبة وما فيها من عبر وفوائد ودروس نافعة التى احتوتها السورتين فسورة الكهف فيها قصص عجيبة فيها الفوائد والعبر الكثير مثل قصة أصحاب الكهف وقصة سيدنا موسى والخضر وقصة ذى القرنين
وجاءت بعدها سورة مريم وهي أيضاً لا تخلو من القصص العجيبة بل أعجب من قصص سورة الكهف فجاء فيها قصص مثل ميلاد يحيي عليه السلام والأعجب ميلاد عيسى عليه السلام ، كيف أن حكمة الله اقتضت ان يرزق المرأة العجوز والرجل الشيخ الكبير طفلاً بعد هذا العمر الطويل ، والأعجب كيف رزق الله مريم العذراء بالولد دون أن يمسها أحد بحلال أو حرام

ا2- ركزت السورتين على التوحيد وهو دعوة جميع الرسل بإفراد الله في العبودية , وهنا تحدثت سورة مريم بعد ذكر قصة يحيي عليه السلام وعيسى عليه السلام تطرق الله جل وعلى لأهوال اليوم الآخر وكيف ينجي الله المؤمنين ويدخلهم جنته وكيف يلاقي الكافرين عذابهم في النار وخُتمت بتنزيه الله عن إتخاذ الولد
إبتدأت سورة مريم " كهيعص " وهي حروف متقطعة والكثير من السور في القرآن ابتدأت بذلك أيضاً وإفتتاحها بالحروف المتقطعة سر اختلف فيه الكثير من العلماء
ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأن سر افتتاح السور بالحروف المتقطعة أن الله أراد أن يرد على المشركين الذين زعموا أن القرآن هو أساطير الأوليين قال تعالى :"وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا

فاستفتح الله بهذه الحروف ليوضح للمشركين بأن كلام الله الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم مؤلف ومكون من الحروف الأبجدية الدى يتكون منها كلام العرب أنفسهم ، ويوضح لهم بقدر ما كانت فصاحتهم وبلاغتهم عجزوا أن يأتوا مجتمعين بسورة بل بآيه من القرآن الكريم ، وأوضح لهم أن النبى صلى الله عليه وسلم بشرمثلهم ، فهو واحد منهم فكما عجزوا يعجز هو ، كما في قوله تعالى
:"وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" وقال تعالى : " فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ "ـ
فالتحدى والإعجاز باقى وقائم إلى يوم القيامة فالله جل وعلى يتحداهم بأن يأتوا بآيه مثل آيات القرآن فإن لم تفعلوا في الحاضر ولن تفعلوا في المستقبل فأتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة , فأتقوا الله بالإيمان بأن هذا القرآن الكريم جاء من رب العالميننزل به الروح الأمين على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم بلغة العرب أنفسهم ولن يأتو بمثله إلى يوم القيامة قال تعالى :" تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِين بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِين

ملاحظة : لو انتبهنا للسور التى ابتدأت بالحروف المتقطعة لوجدنا أن الله عز وجل بعد ذكره للحروف المتقطعة يشير لكتابه العزيز وإلى علو شأنه وإلى إرتفاع مكانته وينتصر له ..كما في هذه الايات:ـ
"حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم"
و"حم والكتاب المبين" وباقي السور الحواميم
نبتدأ بأول آية إن شاء الله من سورة مريم في قوله تعالى :ـ
كهيعص (1)ـ
قال ابن عباس في تفسير كهيعص (إن الكاف من كاف ، والهاء من هاد ، والياء من حكيم ، والعين من عليم ، والصاد من صادق )ـ
أى من أسماء الله الحسنى

ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)ـ
أي أن هذا المتلو فى القرآن ذكر لرحمة ربك , وكلمة ذِكْرُ تأتي لخبر مبتدأ محذوف كأن الجملة " هذا ذكر " فالمبتدأ محذوف وبقي الخبر
وقيل في تفسير هذه الآية أن المراد به بالرحمة هي رحمة الله بعبده زكريا بإستجابة سؤاله وقبول دعائه عليه السلام
وسيدنا زكريا عليه السلام كان نبي عظيم من أنبياء بني إسرائيل وفي صحيح البخاري أنه كان نجاراً يأكل من عمل يده في النجارة

إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا (3)ـ
أى ناجى ربه بذلك في محرابه وأخفى مناجاته لله جل
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " الدعاء هو العبادة
وكما قال تعالى في فضل الدعاء :ـ" وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين"ـ
اختلف العلماء في تفسير كلمة "خفيا" فقال بعض المفسرون أن زكريا أخفى دعاءه عن قومه حتى لا يلام على مسألة الولد عند كبر السن ولأنه أمر دنيوي
والأمر الثاني أنه أخفى الدعاء إخلاصاً لله عز وجل وأراد أن لا يطلع على دعائه إلا الله وقيل لما كانت الأعمال الخفية أفضل وأبعد عن الرياء أخفى زكريا دعائه عن الناس
وقيل خفياً أي سراً من قومه في جوف الليل
وهنا نستفاد من دعاء صفة دعاء زكريا عليه السلام في استحباب الدعاء الخفي وهذا من آداب الدعاء ومن اسباب استجابة الدعاء كما قال تعالى " ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ

قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4)ـ
نادى سيدنا زكريا هنا ربه بصفة الربوبية ، قال رب وهنا نستفاد من دعاءه أن ننادي الله بصفة الربوبية في دعائنا وهنا كرر سيدنا زكريا " رَبِّ
وفى الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب
وهذا من آداب الدعاء لان الربوبية تستلزم الفضل والمنة والعطاء والإحسان

ويلاحظ فى دعاء زكريا عليه السلام اظهار ذله وضعفه وفقره وانكساره إلى رحمة الله عز وجل ، وهو بحاجة إليها حيث قال :ـ

قال رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً{4}ـ
هنا أظهر زكريا عليه السلام "ضعفه الباطني" بأن عظمه وهن و "ضعفه الظاهري " بإشتعال الرأس بالشيب
ثم توسل الله الله بصفة الربوبية ، فكانما قال يارب عودتنى على جودك وفضلك وإحسانك فلا تجعلنى محروماً وشقياً بدعاءك
هنا نستفاد أن من آداب الدعاء :ـ
. ـ1ـ إخفاء الدعاء
. ـ 2ـ الدعاء بصفة الربوبية
. ـ 3 ـ الدعاء بإنكسار ومسكنة ومذله بين يدي الله عز وجل
ومن مميزات دعاء زكريا عليه السلام أنه توسل لله بصفة الربوبية
والله يحب التوسل له بأسمائه الحسنى وصفاته العلى كما في قوله
:" وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
وكذلك من أسباب استجابة الدعاء أن ندعو الله بالإيمان كما قال الله تعالى : " ربنا أمنا فاغفر لنا وارحمنا وانت خير الراحمين " وقوله سبحانه " الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" وقوله " رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ" وقوله عز من قائل " إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ
وأيضاً من أداب الدعاء أن ندعوا الله ونحن موقنون بالإجابة ،و ان الله لن يرد دعائنا وانه سيستجيب لنا ويكون رجائنا به قوي وموقن به
كما في الحديث الشريف
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه" ـ
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً{5}ـ
يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً{6}ـ

معنى إنى خفت الموالى من ورائى : هل كان يريد زكريا عليه السلام أن يرث الولد الذي طلبه من الله ماله؟؟ وهل يدل ذلك على أنه يمتلك ثروة طائلة ؟؟
لا لأنه كان نجاراً يأكل من كسب يديه وهى مهنة لا تجمع مالاً كثيراً ولا سيما الأنبياء كانوا أزهد الناس عن الدنيا ،وطلب زكريا عليه السلام من ربه أن يرزقه الولد لأنه خاف على بني إسرائيل لأنه لم يجد فيهم من يصلح للنبوة فبدأ يظهر فيهم الفساد فخاف أن يموت وتنقطع النبوة بموته فدعا الله أن يرزقه الولد الذي يرث النبوة وتستمر الدعوة لله ويستمر توحيد الله في الأرض ويبقى الدين ظاهراً
وورد عن الرسول صلى الله عله وسلم أنه قال : "نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة
وفي حديث آخر قال صلى الله عليه وسلم : "أن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر"ـ
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه دخل السوق فوجد الصخب والضجيج والإنشغال بالبيع والشراء والتجارة واللهو فقال يا معشر الناس أنتم هاهنا وميراث محمد صلى الله عليه وسلم يُقسم فأنصت الناس لكلامه فقال أنتم هاهنا وميراث محمد صلى الله عليه وسلم يُقسم قالوا أين يُقسم ميراث محمد صلى الله عليه وسلم ؟ قال: في مسجده , فتركوا السوق وتسابقوا فركضوا ركضاً إلى المسجد فعندما دخلوا المسجد لم يجدوا إلا قوماً في مجلس علم يذكرون الله تبارك وتعالى فرجعوا إلي أبي هريرة فقال لهم ما لكم فقالوا يا أبا هريرة قد أتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نرى فيه شيئا يقسم فقال لهم أبو هريرة وما رأيتم في المسجد ؟ قالوا رأينا قوماً يذكرون الله تبارك وتعالى ويتدارسون كتابه قال : ويحكم هذا هو ميراث محمد صلى الله عليه وسلم
ثم قال زكريا عليه السلام في دعائه :ـ
وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً{6}ـ
أي اجعله يا رب مرضياً عندك من الذرية الصالحة ترضى عنه يا رب وتُرضي عنه الناس ويرضى عنهم ,تحبه وتحببه إلى الناس فى دينه وخلقه
هنا نستفاد حرص الأنبياء على الذرية الصالحة ،المؤمنة التقية الطيبة المرضية عنهم من الله عز وجل الموحدون لله جلا وعلا كما في قوله تعالى
"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"
يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا (7)ـ
هنا أتت البشرى لزكريا عليه السلام وهو في محرابه بقبول دعائه وأن الله رزقه بمولود ذكر اسمه يحيي عليه السلام
كما قال تعالى في سورة آل عمران
:" فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ
أي لم نجعل له من قبل شبيهاً ولم يسمى أحد من قبله بهذا الإسم وأفرده الله بهذا الإسم كما في قوله تعالى :" فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا
وقيل أن اسم يحيى أنه لا يموت فى صغره بل يكبر ويحيي حياة ملؤها السعادة والطمأنينة والرضا بقضاء الله
وهذه البشرى تضمنت ثلاثة اشياء:
. ا1- استجابة الدعاء لزكريا عليه السلام وهذه كرامة له
. ـ2-اعطائه الولد وهو قوة
. ـ3ـ إفرده بتسميته
نستفاد هنا من هذه النقطة أن المسلم المؤمن عليه أن يحسن اختيار اسم ولده كما أحسن الله اختيار اسم يحيي عليه السلام

قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً{8}ـ
تعجب زكريا فى هذه الأية من قدرة الله عز وجل كيف أنه سيخرج ولداً من امرأته وهي عاقر عجوز قيل أنها تجاوزت الستين والله أعلم وهو شيخ كبير
قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً{9}ـ
أجابه الله عز وجل زكريا عليه السلام عما تعجب منه ، أن إيجاد الولد منك ومن زوجتك أمر هين يسير على الله ، وذكره الله أنه قد خلقه من قبل ولم يكن شيئا وهذا اعجب مما يستعجب منه
كما في قوله تعالى: "
هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا" ـ
قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً
أراد زكريا عليه السلام دلالة وعلامة تدل على حمل زوجته العاقر فأراد بهذا أن تستقر نفسه ويطمئن قلبه وذلك لكونه شيخ كبير وامرأته عاقر فطلب آية من الله لذلك
كما قال سيدنا إبراهيم عليه السلام : "
رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي "ـ
قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً{10}ـ
تحبس لسانك عن كلام الناس وأنت سليم الأعضاء دون مرض حتى تكون لك الآية على استجابة الله لدعائك
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً{11}
أى أشار إلى الناس أن يذكروا الله ذكراً كثيراً وأن يسبحوه بكرة وأصيلاً على النعم التى أنعمها علينا جميعاً
يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً{12}
انتقل الله هنا إلى خطاب يحيي عليه السلام وكان شاباً صبياً فقال له تعلم الكتاب بقوة وبجد وحرص واجتهاد ،وتمسك به واتلوه آناء الليل وأطراف النهار وتدبر آياته
كما في قول الله جل وعلا
: " الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ" ـ
وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً
قيل أن الله اتاه من قوة الإدراك وشدة الذكاء وهو صبى و بقوة الذاكرة وسرعة الفهم والاستنباط وهو صغيرالسن
وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وكان تقيا {13}ـ
أي أعطيناه الحنان والعطف والشفقة ليكون داعية ناجحاً إلى الله ويكسب قلوب الناس
وَزَكَاةً أى زكيناه وطهرناه من دنس الذنوب والمعاصى
وكان تقياً ولم يكن عصياً يأتمر بأوامر الله عز وجل وينتهى عن ما نهى عنه

وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً{14}ـ
كان زكريا عليه السلام باراً بوالديه ولم يكن جباراً وعاصيا لهم
وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيّاً{15}ـ
أي أن الله جعل له السلامة والأمان فى مواطن ثلاثة
وَقَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة أَوْحَش مَا يَكُون الْمَرْء فِي ثَلَاثَة مَوَاطِن : يَوْم يُولَد فَيَرَى نَفْسه خَارِجًا مِمَّا كَانَ فِيهِ وَيَوْم يَمُوت فَيَرَى قَوْمًا لَمْ يَكُنْ عَايَنَهُمْ
وَيَوْم يُبْعَث فَيَرَى نَفْسه فِي مَحْشَر عَظِيم

وهنا الله أكرم يحيي عليه السلام فيها جميعاً وخصه بالسلام والأمان
الحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات

الواجب
س1- ماهى الدروس المستفادة من دعاء زكريا عليه السلام ؟
س2- ما المقصود ب "يرثنى ويرث من إل يعقوب" ؟


عدل سابقا من قبل المشتاقة للجنان في الجمعة 11 يوليو 2008, 5:53 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المشتاقة للجنان




عدد المساهمات : 50
تاريخ التسجيل : 09/06/2008

تلاخيص دورة تفسير سورة مريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلاخيص دورة تفسير سورة مريم   تلاخيص دورة تفسير سورة مريم I_icon_minitimeالسبت 05 يوليو 2008, 9:19 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني
القاء المعلمه : ام ايمان
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادى له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، اللهم صلى على محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين
اما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
توقفنا في الدرس الماضي عند قوله تعالى :ـ " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا " ـ

يخاطب الله جلا وعلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقوله وأذكر أي واذكر يا نبينا في الكتاب أي القرآن الكريم الذي انزلناه اليك لقومك قصة مريم , وذكر مريم عليها السلام في القرآن دلالة على عظيم شأنها وعلو منزلتها وشرفها وفضلها
"فقد جاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء غير مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام " صحيح البخاري ،
وقال صلى الله عليه وسلم: " خير نساء العالمين مريم ابنة عمران " ـ
و"مريم " هي مريم ابنة عمران من سلاله داوود بن سليمان عليهما السلام
وزكريا هو زوج اخت السيده مريم أي ان سيدنا يحى وسيدنا عيسى ابنا الخاله
ولقد عاشت السيده مريم في ببيت المقدس تحت رعاية الأنبياء وعباد الله الصالحين وكفلها الله تبارك وتعالى زكريا فكان كفيلها وراعيها ومربيها .فنشات نشأة ايمانية

وقوله تعالى :" إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا " ـ

انتبذت :هنا بمعني ابتعدت بمسافة تقدر بمقدارنبذ الحجر الذي يحذف وقيل انها لشدة عفتها وحشمتها اتخذت لها حجابا حتى لا يراها احد . مكانا شرقيا أي شرقية بيت المقدس

وقوله سبحانه : " فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا" ـ

أي غابت عن الانظار واستترت منهم وتوارت عنهم بحجاب اتخذته لها
فارسلنا لها روحنا أي ارسل الله سبحانه وتعالي جبريل عليه السلام فتمثل لها بشرا سويا وذلك حتى لاتخافه لو كان ظهر على هيئته التي خلقه الله بها
وذكر جبريل عليه السلام بالروح كما في قوله سبحانه " نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين عَلَى قَلْبك لِتَكُونَ مِنْ الْمُنْذِرِينَ " ـ

وقوله تعالى : " قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا" ـ
هنا استعاذت السيده مريم بالله من هذا البشر ومن شره
ونستفيد من هذه الايه ان على المؤمن الاستعاذه من شر كل ما يخافه ويهابه بالله سبحانه وتعالي
فقد قال تعالي { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } ثم بعد ذلك ذكرته بتقوى الله لانها تعلم ان التقوى تبعد عن الحرام وهي تريد منه بذلك ان يخرج ويتركها

ـ " قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا" ـ

هنا يبعد عنها جبريل الخوف ويخبرها بانه رسول من الله فارتاحت واطمأنت ولكن عندما قال لاهب لك غلام عاد لها الخوف والرعب
لأهب: المقصود الله ولكن جبريل هو من سيكون السبب وهو من جاء بالروح الي السيده مريم عليها السلام وغلاما زكيا المقصود به سيدنا عيسى عليه السلام

ـ " قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا" ـ


هنا اسغربت وتعجبت السيده مريم من كلام جبريل عليه السلام وقالت كيف يكون لي ولد وانا لم يمسسني بشر لا بالحلال ولا بالحرام، لم اكن ذات زوج ولم اكن زانيه . بغيا أي زانيه , كيف يكون هذا الغلام مني ولست بذات زوج ولايتصور مني الفجور

ـ " قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا" ـ

قال جبريل كذلك قال ربك أنه سيكون منك غلاما وإن لم يكن لك بعل ولايوجد منك فاحشة فإنه على مايشاء قدير، لا مغير لامره ولا مبدل لحكمه ، ولنجعله آية للناس أي دلالة وعلامة على عظمة وقدرة بارئهم وخالقهم الذي نوع في خلقهم ، فخلق آدم من غير ذكر ولا انثى وخلق حواء من ذكر بلا انثى وخلق الناس جميعا من ذكر وانثى، الا سيدنا عيسى عليه السلام فقد خلقه من انثى فقط دون ذكر فهذا الامر هين على الله سبحانه وتعالى
ولنجعله رحمه هنا الرحمه تنقسم ثلاثة اقسام فهي : ـ


ـ 1 ـ رحمة بالمولود عيسى عليه السلام بان جعله الله نبيا رسولا بل من اولى العزم من الرسل وهم خمسه (ابراهيم وعيسى وموسى ومحمد وآدم عليهم السلام "
ـ 2ـ ورحمة بالام : بان اصطفاها لتكون ام لنبي وذكرها الله واعلى شانها وقدرها

ـورحمة بالناس : بان ارسل لهم رسولا رحمة وحجة عليهم ليدعوهم لعبادة الله

وكان امرا مقضيا : أي كان امرا منتهيا ولا راد لامر الله ولامعقب لحكمه

ـ " فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا" ـ

حملته اي حملت بسيدنا عيسى عليه السلام بعد ان نفخ جبريل في جيب درعها
فابتعدت عن قومها مكانا بعيدا حتى لا يشعر بها احد وقوله مكانا قصيا :اي نائيا بعيدا عن الناس

ـ " فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا منسيا " ـ

قولها وكنت نسيا منسيا أي لم أخلق ولم أك شيئا

واستدل بعض العلماء بهذه الآية على جواز تمني الموت عند الفتنة فإنها عرفت أنها ستبتلى وتمتحن بهذا المولود وأن الناس لايصدقونها في خبرها بعد أن كانت عندهم عابدة ناسكة تصبح فيما يظنون عاهرة زانية
وقد اُختلف في فترة حمله ولكن الارجح انها حملته تسعة اشهر كامله والله اعلم
وان كانت الفاء هنا للتعقيب ولكن قوله تعالي يؤكد ان كل شي بحسبه ومدته كما قال الله تعالي :" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّه أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء مَاء فَتُصْبِح الْأَرْض مُخْضَرَّة "ـ
وقوله تعالى : "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَان مِنْ سُلَالَة مِنْ طِين ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَة فِي قَرَار مَكِين ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَة عَلَقَة فَخَلَقْنَا الْعَلَقَة مُضْغَة فَخَلَقْنَا الْمُضْغَة عِظَامًا "ـ
هذا تاكيد ان الحمل كان كاملا
فجاءها :
الجأها الي جذع نخله
المخاض الطلق ووجع الولاده و سمي بالمخاض لحدوث الخض وشدة التحريك
هنا وفي لحظة الالم والولادة تذكرت قومها وانهم لن يصدقوها فتمنت انها ماتت او قبل هذا او كانت شئ منسي ومهمل او كالشي الذي ترك


ـ "
فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا" ـ

فنادها :
اختلف العلماء في انه عيسى عليه السلام او جبريل , قالوا كان جبريل عليه السلام في بقعة من الأرض أخفض من البقعة التي كانت عليها , وقال ابن عباس( ناداها ملك من تحتها )ـ

والاصح والراجح أن الذي ناداها هو عيسى عليه السلام والدليل أن جبريل لم يرد له ذكر في هذه الآيات وأن الضمائر كلها في هذه الآيات تعود على عيسى عليه السلام وقيل ناداها ساعة ولادته ليطمئنها أنه سيكلم قومها ان واجهتهم وأن الله سيبرئها بكلامه والله تعالى أعلى وأعلم


عدل سابقا من قبل المشتاقة للجنان في الجمعة 11 يوليو 2008, 5:55 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المشتاقة للجنان




عدد المساهمات : 50
تاريخ التسجيل : 09/06/2008

تلاخيص دورة تفسير سورة مريم Empty
مُساهمةموضوع: الدرس الثالث من تفسير سورة مريم   تلاخيص دورة تفسير سورة مريم I_icon_minitimeالسبت 05 يوليو 2008, 9:25 pm

تلخيص الدرس الثالث من سورة مريم

القاء المعلمه : ام ايمان

ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادى له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، اللهم صلى على محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين ...ـ
اما بعد :ـ

لم نكمل الدرس السابق بسبب انقطاع النت
ونكمل اليوم حيث وصلنا عند قوله سبحانه وتعالى :" فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا

اختلف المفسرون في المنادى منهم من قال أنه جبريل عليه السلام , قالوا كان جبريل عليه السلام في بقعة من الأرض أخفض من البقعة التي كانت عليها
وقال ابن عباس ( ناداها ملك من تحتها)ـ
والراجح أن الذي ناداها هو عيسى عليه السلام لأن جبريل لم يرد له ذكر في هذه الآيات والضمائر كلها في هذا السياق تعود لعيسى عليه السلام ، فناداها ساعة ولادته ليطمئنها لأنه قال لها :" وإما ترين من البشر أحدا فقولي اني نذرت للرحمن صوما فلن اكلم اليوم انسيا " فكانت الحكمة تقتظي أن تسمع كلام المولود اولا حتى تكون على يقين تام أنها أذا أشارت اليه ليكلمهم أنه قادر على كلامهم
قوله تعالى " قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا
كان هناك جذع نخلة ولم يكن عندها ماء فأنبع الله تبارك وتعالى لها عين ماء نهرا جاريا أجراه من حينه حتى تشرب منه
وقوله سبحانه :" وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا
قيل ان جذع النخلة كان ميتا وقيل انه حيا لكن ليس فيه رطب فعندما أخذت مريم بالاسباب وهزت الجذع وهي نفساء ضعيفة ، كان سقوط الرطب من الجذع كرامة لها وأمرا خارقا للعادة

ثم قال سبحانه " فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا
فكلي من الرطب وقري عينا : أي طيبي نفسا وسترين ما يسرك
فاذا رايت احد فقولي : والقول هنا بالاشاره كما اشار سيدنا زكريا لقومه بالصوم عندما نذر الصوم عن الكلام

قوله تعالى " فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فريا"ـ فجاءت مريم بعد ان ولدت سيدنا عيسى الي قومها تحمله فقالوا لها: لقد جئت شيئا عظيما .هنا استعظم قومها هذا الفعل واستنكروه من السيده مريم الطاهره , لقد جئت شيئا فريا , والافتراء هو الكذب والإختلاق , وهذا كناية عن الزنا
"يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ"
هنا يناديها قومها باخت هارون ، وهارون هنا ليس اخ سيدنا موسي بل هو رجل صالح من بني اسرائيل . وكانوا يطلقون كلمة اخ او اخت على التشابه في الحال او الصلاح الى هذا الرجل الصالح ، كما في قوله تعالي " وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون"ـ اختها هنا أي مشابهه لها
وهنا يبن قومها سبب استغرابهم لهذا الامر.يقولون لانك يامريم خرجتي من بيت طاهر فامك طاهره نقيه وكذلك ابوك رجل صالح فما الذي جعلك تسلكين هذا السلوك المشين وتاتين بهذا البهتان العظيم أي الزنا ؟
فماذا كان جواب السيدة مريم ؟؟هنا يقول الحق سبحانه وتهالى :" فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا
فعندما استنكر القوم وهاجموا السيده مريم اشارت الى عيسى عليه السلام وهو في المهد رضيع ، فاستعظم ذلك على القوم وظنوا انها تستهزؤ بهم فقالوا كيف نكلم رضيعا ؟ ولم تجر العادة من قبل بان يتكلم المولود في المهد !!!ـ
"قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا"
هنا انطق الله سيدنا عيسى ليرد على قومه وكان اول مانطق به الأعتراف بعبوديته لله تعالى وربوبيته ردا على من غلا من بعده في شانه ، فقال اني عبد الله ولست الها ولا ابنا لله ، ثم قال : " آتاني الكتاب" : أي الانجيل " وجعلني نبيا "ـ
نلاحظ هنا أن الكلام بصيغة الماضي آتاني الكتاب وهو لم يؤت بعد , وجعلني نبيا وهو لم ينبأ بعد , وكأنه قد حصل لماذا؟؟
أفاد الكلام تحقيق خبر الله فلما كان تنزيل الكتاب عليه أمرا محققا وجعله نبيا فلا بد أن يكون كما أخبر الله كقوله سبحانه (اقتربت الساعة

‎ويقول تعالى على لسان عيسى عليه السلام " وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا
أي مبارك أينما كنت وأينما حللت وأينما نزلت , وقال جمهور المفسرين من بركته عليه السلام كان يامر بالمعروف وينهى عن المنكر في كل مكان ومن بركته عليه السلام كان يبرئ الاكمه والابرص ويحيي الموتى بإذن الله ومن بركته عليه الصلاة والسلام أنه أحل لبني اسرائيل بعض ماكان محرما
عليهم وقوله " وأوصاني بالصلاة "وهي اعظم حق لله تبارك وتعالى على العباد وأجل وأعظم قربة وطاعة لله عز وجل , وأوصاني بالزكاة وهي حق الفقراء والمساكين على الأغنياء . وكثيرا ما يقرن الله سبحانه وتعالي الصلاه والزكاه في القران لاهميتهما وترابطهماوهما فرض على كل مسلم بالغ عاقل
ـ" وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا "يؤكد الله على البر بالام أي جعلني بارا بأمي وبارا بالناس ومطيعا تقيا لله تعالى ولم اكن جبار شقيا : أي ظالما
ـ" وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا
وقد سلمه الله تعالى عند ولادته كما في الحديث الذي رواه أبو هريرة مرفوعاً: " ما من مولود يولد إلا مسه الشيطان حين يولد، فيستهل صارخاً من مسه إياه، إلا مريم وابنها " ، ثم يقول أبو هريرة اقرءوا إن شئتم (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) "أي سلمه الله يوم ولادته وسيسلمه يوم موته ان شاء الله وسيسلمه ايضا يوم يبعث حيا
ـثم يقول عز من قائل: " ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ
يقول الله تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ذلك الذي قصصناه عليك من خبر عيسى عليه السلام ( قول الحق الذي فيه يمترون ) أي يختلف المبطلون والمحقون ممن آمن به ومن كفر به . أي هذه قصة عيسى ، وهذا هو الحق الذي فيه يختلفون فمنهم من آمن ومنهم من كفر به

ثم يقول سبحانه " مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
ينزه الله نفسه من ان يكون له ولد او شريك في الملك ولايليق بجلاله وعظمته , واذا اراد الله سبحانه شيئا قال له كن فيكون، فهذه قدرة الله سبحانه وتعالى
"وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ"
وقوله " وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ " أي وما أمر به عيسى قومه وهو في مهده بأن أخبرهم أن الله ربه وربهم وأمرهم بعبادته فقال ـ" فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ " أي قويم. من اتبعه رَشد وهُدِى ومن خالفه ضل وغوى
وقوله تعالى " فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ
الاحزاب: هم اليهود والنصاري
اليهود : فرطوا في عيسى عليه السلام ونسبوا الى امه الزنا واتهموه بانه ساحر
والنصارى : غلوا فيه وقابلوا التفريط بالافراط . فمنهم من جعله الها ومنهم من جعله ابنا لله ومنهم من جعله ثالث ثلاثة ومنهم من آمن به لما اخبرهم عن نفسه بانه عبد الله
وقوله سبحانه " فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا" يقول الله جلا وعلا هنا ويل للذين كفروا ,لم يقل فويل لهم , ولم يقل فويل للأحزاب بل قال فويل للذين كفروا , أي من الأحزاب لأن هناك حزبا آمن بعيسى أنه عبد الله ورسوله , فويل لهم يوم يبعثون وويل لهم يوم يردون الى الله تبارك وتعالى "فويل" : أي حذرهم يامحمد وهددهم بالويل وهو وادي في جهنم تستغيث جهنم من شدة حره , فكيف بساكنه , أعاذنا الله واياكم , وهذا اليوم العظيم وهو يوم القيامه

قوله تعالى "أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
أي ما اسمع الكفار في هذا اليوم وما ابصرهم بعد ان كان لهم قلوب وابصار واذان لا يبصرون ولا يسمعون بها ففي هذا اليوم سيرون كل شي على حقيقته , كانوا في الدنيا لهم قلوب لايفقهون بها ولهم أعين لايبصرون بها ولهم آذان لايسمعون بها ¸ أما يوم القيامة فيقول الحق سبحانهSad لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) ـ
لذلك تعجب الله سبحانه وتعالى من سمعهم وبصرهم فقال :" أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا " يعني ماأسمعهم وما أبصرهم يوم يأتوننا ، لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين , فإذا ماتوا انكشف الغطاء وظهرت الحقائق وتجلت الأمور كما قال تعالى " ولو ترى اذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فأرجعنا نعمل صالحا إنا موقنون
قال صلى الله عليه وسلم: "من شهد أن لا إله إلا الله: وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" رواه البخاري ومسلم
وقوله تعالى " وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
يوم الحسرة من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده من يوم الحسرة , يوم القيامة فقد قال تعالى :" أن تقول نفس يا حسرتى على مافرطت في جنب الله
أي انذرهم وحذرهم يا محمد من هذا اليوم العظيم يوم الحسره .والانذار معناه الاعلام المصحوب بالتخويف . أي انذرهم أي خوفهم يا محمد من عذاب الله , أنذرهم بأسا شديدا لعلهم يخافون ويقلعون عما هم فيه من الكفر والشرك والضلال الذي استحقوا به العذاب . " وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ " فسر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقال : " يؤتى بالموت يوم القيامة على صورة كبش أملح فيوضع على صور بين الجنة والنار , ثم ينادى يا اهل الجنة فيشرئبون ينظرون , ويا اهل النار فيشرئبون ينظرون , فيقال أتعرفون ماهذا ؟ فيقولون نعم إنه الموت فيذبح هذا الكبش الذي يمثل الموت ثم ينادى يا اهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت , ثم قرأ صلى الله عليه وسلم قول ربه تبارك وتعالى (. وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) " والمعنى ان الحسرة ستصيب المتحسرين يوم القيامة بعد دخولهم النار ورؤيتهم دخول المؤمنين الصالحين الجنة فإذا رأوا الناس دخلوا الجنة وهم في النار تحسروا حينئذ حسرة ما بعدها حسرة وندموا ندامة ما بعدها ندامة

قال تعالى :" إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ
يخبر الله تعالى أنه الخالق المالك المتصرف وان الخلق كلهم يهلكون ويبقى هو تعالى وتقدس ولاأحد يدعي ملكا ولا تصرفا، بل هو الوارث لجميع خلقه الباقي بعدهم الحاكم فيهم , والخلود لله وحده وكل شي هالك وكل نفس ذائقة الموت حتى ملك الموت نفسه سيموت ولا يبقي الا وجهه سبحانه وتعالي . ولو تدبرنا هذه الآية لو جدنا اربع ضمائر بأسلوب الجمع والله تبارك وتعالى واحد لاثاني له . وإنما يتكلم بأسلوب العظمة والعزة والكبرياء لأنه العزيز وأنه المتكبر وأنه العلي العظيم
ـ"والينا يرجعون" اي يوم القيامة لايملكون شيئا مما ملكوه في الدنيا كما قال تعالى " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لااله الا أنت نستغفرك ونتوب اليك

الواجب
وضحي قوله تعالي "وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا "ـ
من هو هارون في قوله تعالى : يَا أُخْتَ هَارُونَ ؟ ولماذا قالوا يا اخت هارون ؟


عدل سابقا من قبل المشتاقة للجنان في الجمعة 11 يوليو 2008, 6:53 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المشتاقة للجنان




عدد المساهمات : 50
تاريخ التسجيل : 09/06/2008

تلاخيص دورة تفسير سورة مريم Empty
مُساهمةموضوع: الدرس الرابع من تفسير سورة مريم   تلاخيص دورة تفسير سورة مريم I_icon_minitimeالسبت 05 يوليو 2008, 10:21 pm

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تلخيص الدرس الرابع من سورة مريم
من القاء استاذتنا ام ايمان


ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعود بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لااله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله ،ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، اللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين أما بعد:




توقفنا في الدرس الماضي عند قوله تعالى : "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا " 41


ذكر النبي ابراهيم في القرآن الكريم شرف عظيم وذكر حسن ، وابراهيم عليه السلام كان اب العرب وكان العرب ينازعون اليهود والنصارى شرف الانتساب اليه عليه السلام وكانوا يقرون بعلو شأنه وطهارة دينه فقد قال تعالى " وَمَن يَرْغَبُ عَن مِلَّةِ إبراهيم إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ "البقرة [130]


فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لقومه اذا كنتم امتنعتم عن اتباعي على ماجئت به من عند الله حرصا على تمسككم بدين آبائكم فاتبعوا ملة ابيكم ابراهيم ، فكأنه تعالى يقول للعرب ان كنتم مقلدين لابائكم على ماهو قولكم " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون"[ الزخرف : 23 ] ومعلوم ان أشرف آبائكم وأجلهم قدرا هو ابراهيم عليه السلام فقلدوه في ترك عبادة الاوثان وفي عبادة الواحد الديان


وان لم تكونوا مقلدين لابائكم وكنتم على اثرة من علم تستطيعون التمييز بين الادلة وترجحوا بعضها على بعض فاتبعوا ابراهيم في ذلك واسمعوا هذه الادلة والبراهين التي حاج بها ابراهيم عليه السلام اباه آزر

ثم قال الله تعالى في وصف ابراهيم عليه السلام :
"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا "

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم اذكر في الكتاب واتله على قومك هؤلاء عبدة الاوثان واذكر لهم ماكان من نبأ ابراهيم عليه السلام الذين هم من ذؤيته ويدعون انهم من ملته وهو كان صديقا نبيا

والصديق هو من كان من عادته كثرة الصدق والتصديق. والصديقية مرتبة عظيمة تاتي بعد مرتبة النبوة وقبل الشهادة لقوله تعالى في سورة النساء
" ومن يطع الله والرسول فاولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا "

وقد وصف الباري عز وجل ابراهيم عليه السلام بالصديق قبل وصفه بالنبوة ، فمرتبة النبوة ارقى من مرتبة الصديقية ويلزم لكل نبي كونه صديقا في حين انه ليس كل صديق نبي . وقال المفسرون ان هذا الاسلوب اسلوب الارتقاء في المدح من الادنى الى الاعلى وهو اسلوب المدح الحسن


ثم تاتي الايات بعد ذلك لتنقلنا الى تلك المحاورة التي دارت بين ابراهيم عليه السلام وابيه آزر ، فيقول الحق سبحانه وتعالى :
" إِذْ قَالَ لأبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا"

بهذا اللطف في الخطاب يتوجه إبراهيم إلى أبيه ، يحاول أن يهديه إلى الخير الذي هداه الله إليه ، وهو يتحبب إليه فيخاطبه : { يا أبت } والاصل في الكلمة ياابي وجيء بها كذلك دلالة على زيادة العطف والحنان والرقة بين الاب وابنه ويسأل عليه السلام اباه قائلا { لم تعبد ما لايسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا }يستنكر عليه هنا عبادة أحجار لاتنفع ولاتضر بل لا تسمع ولاتعي ولاتبصر شيئا


وقد استدل العلماء بهذه الاية على ان الله سميع بصير فلما استنكر ابراهيم على ابيه عبادة هذه الاصنام ووصفها بما وصفها من الصمم والبكم والعمى وهي ثلاث صفات قادحة في الالوهية ، لم يعارض ذلك آزر ، بل ولم يرد عليه بالمثل بان يقول له وانت أيضا ياابراهيم تعبد مالا يسمع ولايبصر فهو يعلم ان الله العلي القدير سميع بصير وعلى كل شيء قدير


وقد استدل العلماء بهذه الاية على ان الداعي لما يدعوا احدا يجب ان يكون على يقين ان من يدعوه يسمعه ويراه وقادر قوي غني


كانت هذه هي اللمسة الاولى التي يدعو بها ابراهيم اباه ، ثم يعيد عليه السلام النداء بتلطف آخر لعله يستدر لطف ابيه وحنانه فيقول
" يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا"
في هذه الاية يتجلى لطف ابراهيم عليه السلام ورفقه بابيه فهو لا يغلط في مدح نفسه ولايفرط في حق ابيه فيقول

"يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ " فأنت وان كان عندك علم وان كنت انا من صلبك واصغر منك سنا الا انه جاءني من العلم من عند الله غير ذلك الذي عندك " فَاتَّبِعْنِي " فلا ضير ولا غضاضة في ان يتبع الوالد ولده اذا كان الولد على اتصال بمصدر أعلى ، والامر هنا امر ارشاد وليس امر ايجاب " أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا" أي انك باتباعي وسيرك على نهجي تُحَصِّلِ المطلوبَ من الهداية الى الطريق السوي وتَنجى من المرهوب

ثم يناديه بتلطف مرة أخرى قائلا " يَاأَبَتِ لاتَعْبُدِالشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا" أي لا تطعه فيما يامرك به من الكفر و عبادة هذه الاصنام فهو يزين لك هذا الفعل حتى تصير عاصيا مثله مطرودا من رحمة الله

ويناديه لمرة رابعة محافظا على اسلوبه المتلطف في الخطاب فيقول " يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا " هنا ابراهيم يحذر اباه آزر من ان يغضب عليه الرحمان فيعاقبه ويجعله وليا للشيطان وتابعا له ، فهداية الله لعبده نعمة وقضاؤه عليه بجعله من اولياء الشيطان نقمة تقوده الى الخسران والضلال المبين

لكن ورغم هذه الدعوة اللطيفة بارق الالفاظ واحنها الا ان ذلك لم يصل الى القلب المشرك ، فيقول ابو ابراهيم آزر مهددا ومتوعدا لابنه عليه السلام
:"قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا" فالاب لم يراعي هنا حنان وعطف ابنه ولم يراعي حق القرابة ولا حرمة البنوة فقابل وعظه بالسفاهة و أصر على ادعاء الالوهية لتلك الاصنام جهلا وتقليدا بل وصل به الامر الى تهديده بالضرب والشتم ، وقابل رفقه في قوله " ياابت " بالعنف حيث لم يقل له يابني بل قال " يا ابراهيم"

فيقول آزر" أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي " ان كنت لا ترضى بعبادتي لهذه الاصنام وتدعوني لان اهجرها ،" لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ " وان وصلت بك الجرأة الى هذا الحد "لأرْجُمَنَّكَ" فاني اتوعدك بالموت الفظيع ان انت اصررت على هذا الموقف الشنيع " وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا " واغرب عن وجهي سويا سالما وابعد عني طويلا استبقاءا لحياتك

وقد حكى الله تعالى هذه القصة لمحمد صلى الله عليه وسلم ليخفف على قلبه ما كان يصل إليه من أذى المشركين فيعلم أن الجهال منذ كانوا على هذه السيرة المذمومة

ورغم هذا الرد القاسي لم يغضب إبراهيم الحليم . ولم يفقد بره وعطفه وأدبه مع أبيه وقابل كل ذلك الجهل بالرحمة فقال :
"قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا"

فاحترم الابوة وقابل الاساءة بالاحسان وأعرض عنه وهذا من صفات المؤمنين لقوله تعالى
:" وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا " [ الفرقان : 63 ] وقال تعالى:" وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ "[ القصص : 55].

فقول ابراهيم " سَلامٌ عَلَيْكَ " أي انا لن ينالك مني أذى ولا مكروه بل بالعكس " سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي " ساسال الله لك الغفران والهداية " إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا " أي لطيفا بان هداني للعبادة واخلاصها له وقيل الحفي الذي يهتم بامره فهنا يوضح ابراهيم عليه السلام ان الله كان يهتم بامره وعوده البر والرحمة واجابة الدعاء واعطاء السؤل

وهذا الامر واضح في قوله تعالى "وماكان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها اياه فلما تبين له انه عدو لله تبرأمنه ان ابراهيم لاواه حليم" فالذي يرجوه إبراهيم هو مجرد تجنيبه الشقاوة . . وذلك من الأدب والتحرج الذي يستشعره . فهو لا يرى لنفسه فضلاً ، ولا يتطلع إلى أكثر من تجنيبه الشقاوة!

وهكذا اعتزل إبراهيم أباه وقومه وعبادتهم وآلهتهم وهجر أهله ودياره ، فلم يتركه الله وحيداً . بل وهب له ذرية وعوضه خيراً ، فقال سبحانه
"فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا " فلما ترك ابراهيم عليه السلام قومه ومااتخذوا من آلهة دون الله ،وهبه الله ذرية طيبة ، اسحاق ويعقوب - ولم يذكر الحق سبحانه هنا اسماعيل لانه افرده لوحده بالذكر الحسن في آيات أخر – وجعل كل منهما نبيا

وقال سبحانه
"وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا " أي ووهبنا له رحمة منا و بديلا له عن الاهل الذين اعتزلهم تلك الذرية الطيبة وجعلنا لها ذكرا حسنا في الناس اذ ان الثناء يكون باللسان لذلك قال تعالى " لِسَانَ صِدْقٍ" والعرب كانت تسمي الشيء باسم ماتكون به الجوارح


الواجب :
1- مامعنى صديقا عليا ؟ وضحي ذلك !!!

2- ماذا استفاد العلماء من قوله تعالى "ياابت لم تعبد مالا يسمع ولايبصر ولا يغني عنك شيئا"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المشتاقة للجنان




عدد المساهمات : 50
تاريخ التسجيل : 09/06/2008

تلاخيص دورة تفسير سورة مريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلاخيص دورة تفسير سورة مريم   تلاخيص دورة تفسير سورة مريم I_icon_minitimeالأحد 06 يوليو 2008, 9:36 am

بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص الدرس الخامس من تفسير سورة مريم للحافظ ابن كثير
إلقاء استاذتنا / أم إيمان


إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.اللهم صلى وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه , وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .أسأل الله جل وعلى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح ويعلمنا ماينفعنا وينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما إنه سميع قريب .وأسأل الله الذى جمعنا فى هذه الثانيه على هذه الشبكه الصغيره أن يجمعنا فى جنة عليه قطوفها دانية.أما بعد :


نكمل تفسير سورة مريم معاً إن شاء الله وتوقفنا عند قوله تعالى : " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا" (51)

في هذه الآيه تشريف لموسى عليه السلام فذكره الله تعالى في القرآن لعلو شأنه ومنزلته عند الله وهو ثناء من الله عليه. مُخْلَصًا تقرأ بقرائتين :
*بكسر اللام"مخلِصا" فيصبح معناها غير مرائي أي مخلصا في عبادته لل
*وبفتح اللام فيصبح "مخلَصا "معناها مختاراً من الله أي أخلصناه.
والإخلاص هو سبب الأستخلاص ،أخلص لله سبحانه وتعالى فاستخلصه الله تعالى لنفسه فكان مخلصا


قوله تعالى :" وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا "(52)
نعلم في قصة موسى عليه السلام أنه عندما استعان به رجل من قومه على عدو له فقتل موسى العدو الرجل من بنى اسرائيل كما في قوله تعالى" فأستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه .." فأرادوا قتله ففر إلى مدين فلما ورد ماء مدين وجدا امرأتين تذودان قال ماخطبكما قالتا لانسقي حتى يصدر الرعاء وابونا شيخ كبي فسقى لهما فجائته احداهما تمشي على استحياء قالت ان ابي يدعوك ليجزيك اجر ماسقيت لنا .فلما جاء سيدنا موسى عليه السلام أخبره الرجل أنه سيزوجه إحدى ابنتيه واتفق معه على أن يعمل عنده 8 سنوات أو 10 سنوات ..بعد أن قضى لصهره أبر الأجلين واوفاهما عشر سنين إستاذن صهره وخرج بأهله , وبينما هو بذلك المكان المقدس طوى وعند جبل الطور ناداه الله تبارك وتعالى وقصة نداء الله تعالى لموسى عليه السلام مذكورة بتفصيل في سورة طه "وهل أتاك حديث موسى"
قوله تعالى : "وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا " والنداء يكون للبعيد والمناجاة تكون للقريب
وفي هذه الآية إثبات صفة الكلام لله عز وجل إذ ان الله تبارك وتعالى نادى موسى وسمع موسى كلام الله تبارك وتعالى فكان موسى كليم الله .


وقوله سبحانه " وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا " (52) أي ادنيناه لتقريب المنزلة حتى كلمناه وقيل أدناه حتى سمع صرير الأقلام

" وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا "(53) سأل موسى عليه السلام الله تبارك وتعالى أن ينبيء له أخاه هارون حتى يكون له عوناً ووزير صدق ويشد عضده به فاستجاب الله تبارك وتعالى له ونبأ هارون وأرسله مع أخيه موسى الى فرعون وملأه وقيل ان هارون أكبرمن موسى عليه السلام

فقال الله في آيات أخرى عن طلب سيدنا موسى عليه السلام بنبوة أخيه في قوله تعالى :" هو أفصح مني لسانا "وقوله سبحانه "واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي " كانت هذه الهبة هبة النبوة لهارون بناءا على سؤال موسى وشفاعته عند ربه لأخيه.
-وقال بعض السلف ما من شفاعة شفعها أحد لأحد مثل شفاعة موسى لهارون
- وقال بعضهم ما نفع أخ أخاه مثل ما نفع موسى هارون لأن الله تبارك وتعالى نبا هارون اكراما لأخيه موسى.

وانتقل السياق من قصة موسى عليه السلام لقصة اسماعيل عليه السلام فقال تعالى
:"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا (54) "
الله عز وجل يخاطب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قائلاً له اذكر في الكتاب أي في القرآن الكريم يا محمد قصة سيدنا اسماعيل ابن سيدنا ابراهيم الخليل أبو العرب .
سبق في السورة قوله تعالى " فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له اسحق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا" وقلنا ان الله سبحانه وتعالى قد ذكر اسحاق ويعقوب في الاية في حين لم يذكر اسماعيل وانما افرده لوحده بالذكر في ايات اخر ، هنا يفرده الحق سبحانه بالذكر لوحده تشريفاً وتكريماً له وعلوا لشانه .
ونلاحظ أن الصدق صفة مشتركة بين الأنبياء لأنه من واجبهم أن يكونوا من الصادقين ولا يمكن ان يكون نبياً إلا من كان صادقاً و الله عز وجل خص اسماعيل عليه السلام بذكر صدقه لانه بلغ في الصدق مرتبة عالية فقد قال تعالى " إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا"

وفسر العلماء ان الله خص اسماعيل عليه السلام في الصدق :
-لانه بلغ مرتبة عالية
-ولانه وفى بوعده لأبيه وسلم نفسه ليذبحه فلذلك أثنى الله عليه كما في قوله تعالى "قال ياأبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " فصدق في ذلك
-وقيل أن اسماعيل وأحد اصحابه خرجا الى البرية وفي الطريق عرضت لهم حاجة استوجبت الرجوع للمدينة لقضائها فقال لصاحبه اما انت تذهب وانا انتظرك هنا واما انا اذهب وانت تنتظرني فقال صاحبه انا ارجع للمدينة لقضاء الحاجة وطلب من اسماعيل انتظاره فلما دخل المدينة انشغل بالسوق و نسي اسماعيل عليه السلام وبقي ثلاثة ايام كذلك وبعد ثلاثة ايام تذكرالصاحب اسماعيلَ عليه السلام فعاد اليه فوجده واقف ينتظره فتعجب من ذلك ،فقال له انت هنا منذ فارقتك قال لقد قلت لك اني سانتظرك وماكان لي ان اخلف وعدي واتركك وهنا تبين صدق وعده
وصدق الوعد من الصفات الحميدة التي يجب الاتصاف بها واخلاف الوعد من الصفات الذميمة بل هي من صفات المنافقين قال تعالى"يا أها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون"وقال سبحانه "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين "

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " آية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا ائتمن خان"
وقد مدح الله المؤمنين الصادقين في قوله تعالى: " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضا نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" فالصدق بالوعد هو من صفات النبيين وعباد الله الصالحين
ثم قال تعالى "وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا "(55)
فالمؤمن الصالح المخلص لله عليه أن يتمنى لمن حوله الصلاح والهداية ولا يكتفي بصلاحه بل يسعى لاصلاحهم وامرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ويكون صالحاً ومصلحاً
فعلى الانسان الدء باقرب الاقربين وهم الاهل وهنا وفق الله اسماعيل عليه السلام لذلك واثنى عليه لصلاحه واصلاحه الناس والبدأ بأهله

فقد قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا قوا انفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة "

ومن الخطأ أن يظن بعض الناس في قوله تعالى"يا أيها الذين آمنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضر اذا اهتديتم"أنه يكفي ان يكون الأنسان مهتديا في نفسه ولا يضره ضلال غيره ولم يدعه الى الهدى ولذلك قام ابو بكر رضي الله عنه على المنبر يوما وصحح للناس هذا المفهوم الخاطيء وقال أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية "يا أيها الذين آمنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضر اذا اهتديتم" ألا واني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "أن الناس اذا رأوا ظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده" ، فان لم نلقى الاجابة منهم والقبول نترك من اصر واستكبر فهنا بين الله منزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
.

بعد ذكر اسماعيل عليه السلام انتقلالله عز وجل لقصة سيدنا ادريس عليه السلام في قوله : " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا " (56)

يقول الله لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اذكر في القرآن الكريم ادريس عليه السلام واكتفى بقوله انه كان صديقا نبيا وانه رفعه مكانا علي ولم يذكر تفاصيل قصته
و قيل سمي ادريس عليه السلام كذلك لكثرة درسه في كتاب الله وهو اول من خاط الثياب ولبس المخيط واول من خط بالقلم واول من نظر في علم النجوم والحساب ,وانزل الله عليه ثلاثين صحيفة , وقال ابن عباس ان ادريس كان خياطا كان لا يغرس ابرة الا قال سبحان الله فكان يمسي حين يمسي ليس في الارض احد افضل عمل منه


وقوله سبحانه : " وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا " (57) أي رفعناه الى السماء حيث أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند معراجه الى السماء رأى سيدنا ادريس في السماء الرابعة هنا يقول الله ورفعناه مكانا عليا وهو رفعه الله للسماء الرابعة وقيل أنه لم يمت وانما رفعه الله الى السماء كسيدنا عيسى عليه السلام والله اعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المشتاقة للجنان




عدد المساهمات : 50
تاريخ التسجيل : 09/06/2008

تلاخيص دورة تفسير سورة مريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلاخيص دورة تفسير سورة مريم   تلاخيص دورة تفسير سورة مريم I_icon_minitimeالجمعة 11 يوليو 2008, 7:02 pm

تلخيص الدرس السادس من دورة تفسير سورة مريم

من القاء الاستاذة : ام ايمان


إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.اللهم صلى وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه , وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .أسأل الله جل وعلى أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح ويعلمنا ماينفعنا وينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما إنه سميع قريب

اما بعد:ـ

توقفنا في الحصة الماضية عند ذكر ادريس عليه السلام واليوم ننطلق من قوله تعالى "أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)

ـ"أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ " واولئك اسم اشارة للبعيد وقد استعمل هاهنا للدلالة على علو مقام الانبياءو ارتفاع شانهم ـ"مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ " قيل انه نوح عليه السلام فهو اول الرسل بعثه الله عز وجل الى اهل الارض وقوله سبحانه "وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ " قيل ابراهيم وادريس عليهما السلام وقوله عز من قائل " وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ " اي اسحاق ويعقوب واسماعيل وقوله سبحانه "وَإِسْرَائِيلَ " هو يعقوب عليه السلام
وقوله سبحانه "وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا " اي ممن هديناه للاسلام واجتبيناه اي بالايمان
وقوله تعالى " إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا " بعد ان ذكر المولى عز وجل الانبياء قال فيهم وهم المعصومون من الخطا انهم اذا سمعوا كلام الله المتضمن لعظيم قدرته ودلائل وجوده سجدوا لله استكانا وخضوعا
خرو سجدا وبكيا , يبكون من خشية الله لماذا يخشون الله جلا وعلا؟؟؟ ومن اي شيء يخشون؟؟؟ وهم معصومون من المعاصي والذنوب , بل أخبرنا الله تعالى ايضا أن الملائكة الذين لايعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون , يسبحون الليل والنهار لايفترون , قال الله تبارك وتعالى عنهم (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون ) فإذا كان خوف الملائكة والنبين من رب العالمين وهم لايعصون الله ما أمرهم , فكيف يكون خوفنا نحن المسرفين على أنفسنا في المعاصي والذنوب . فلعل في هذا اشارة لنا نحن المقصرون على انفسنا للرجوع الى انفسنا ومحاسبتها ، فالاية تنبهنا الى تقصيرنا وتحفزنا لعمل الطاعات ومحاسبة النفس
قوله تعالى : "خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا "هؤلاء الانبياء صفتهم البارزة انهم يخرون للرحمان يبكون ساجدين كلما سمعوا اياته سبحانه . هنا سجود تلاوة وهي ليست واجبة لا في صلاة ولاخارجها لكنها مستحبة والرسول صلى الله عليه وسلم كان يسجد احيانا واحيانا اخرى لا يسجد فيها
وقد ورد ان الرسول صلى الله عليه وسلم مر باية فيها سجود في سورة النجم فسجد ومرة اخرى مر بنفس الاية ولم يسجد ، وورد ايضا انه صلى الله عليه وسلم قرا في الجمعة باية فيها سجود فسجد ومرة اخرى لم يسجد
وقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه : سجود التلاوة تطوع مستحب
ويشرع عند سجود سجدة التلاوة قول الدعاء التالي : "سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته فتبارك الله احسن الخالقين ، اللهم اكتب لي بها اجرا وحط عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داوود"ـ
الله سبحانه وتعالى في ايات كثيرة في القرآن يخوفنا من وعيده لنخشاه ونتقيه كقوله تعالى " لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عباده يا عباد فاتقون" الزمر:16
وفي هذه الاية دلالة على ان كلام الله تعالى له تاثير على القلوب
وقوله تعالى : "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا
بعد ان استعرض السياق القرآني اولئك الانبياء الخاشعين المتقين ، والرعيل الاول من المؤمنين الاتقياء جاء ذكر الذين خلفوهم في هذه الاية فهؤلاء الاتقياء الذين ترتعش وجدانهم حين تتلى عليهم آيات الله ولا تسعفهم الكلمات للتعبير عما يخالج مشاعرهم من تاثر فتفيض اعينهم ويخرون سجدا ، اولئك الاتقياء الذين تخشع قلوبهم لذكر الله خلف من بعدهم خلف بعيدون كل البعد عن الله ف" أَضَاعُوا الصَّلاةَ " وهي اهم ركن من اركان الدين فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "رأس هذا الأمر الإسلام، ومن أسلم سلم، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، لا يناله إلا أفضلهم" رواه الطبراني
وقد فرضت الصلاة في رحلة الاسراء والمعراج ،فقد خاطب الله سبحانه وتعالى نبينا الكريم محمدا صلى الله عليه وسلم مباشرة بدون واسطة ، وقد فرضت في بادئ الامر 50 صلاة فخشي نبينا عليه افضل الصلاة والسلام ان تثقل علينا فطلب من المولى عز وجل نقصها الى ان اصبحت 5 صلوات وهي في الاجر خمسون
والصلاة هي اول مايحاسب عليه العبد يوم القيامة قال تعالى " حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ "البقرة 238
عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أول مايحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته,فإن صلحت فقد أفلح وأنجح,وإن فسدت فقد خاب وخسر,فإن انتقص من فريضته شيء قال الرب عزوجل: انظروا هل لعبدي من تطوع،فيكمل بها ماانتقص من فريضته؟ثم تكون سائر أعماله على هذا" رواه الترمذي وقال حديث حسن

والله يمدح المصلين والمحافظين على الصلاة بقوله سبحانه في سورة المؤمنين "وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{9} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{10} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{11
وكما امرنا الحق سبحانه بالمحافظة على الصلوات ووعد فاعل ذلك بالدرجات العلا في الجنة قي الوقت نفسه توعد ونهى عن اضاعتها فقد قال سبحانه هنا في هذه الاية التي نحن بصدد تفسيرها " فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا " والغي واد في جهنم تستغيث منه جهنم لشدة حره ، فكيف بساكنيه !!!!نسال الله ان يعيذنا من النار وحر النار
واختلف المفسرون في شرح الغي ،فقيل انه الشر وقيل الخسران وقيل هو واد في جهنم
وقوله تعالى " أَضَاعُوا الصَّلاةَ " الاضاعة هنا ليس المقصود منها ترك الصلاة نهائيا وانما استهانوا بها واخروها عن اوقاتها واذوها بغير خشوع ولا تدبر . وقد جاء هذا المعنى في آيات اخرى في القرآن الكريم كقوله تعالى "فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون" هؤلاء مصلون والله يتوعدهم بالويل وهو واد في جهنم , لماذا يتوعدهم الله بالويل وهم يصلون ؟؟؟ هم من المصلين ؟ لم يتركوا الصلاة ولكنهم تهاونوا في أوقاتها ولم يصلوها في وقتها كمن يجمع الصلوات لأنشغاله بعمله الدنيوي , او يصلون بلا خشوع ولا حضور قلب ولا تدبر لأيات الله
وقوله سبحانه " وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ " اي اقبلوا على الدنيا وعلى ملذاتها ، والشهوات مايوافق الانسان ويشتهيه ويلائمه. عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ
لما يدخل اهل الجنة الجنة ويتكئون على اسرتهم يقبل بعضهم على بعض يسالون عن المجرمين لماذا دخلوا النار قال تعالى " كل نفس بما كسبت رهينة , الا اصحاب اليمين , في جنات يتساءلون , عن المجرمين , ماسلككم في سقر , قالوا لم نك من المصلين , ولم نك نطعم المسكين , وكنا نخوض مع الخائضين, وكنا نكذب بيوم الدين , حتى اتانا اليقين , فماتنفعهم شفاعة الشافعين" هؤلاء المجرمين باتباعهم لشهواتهم تركوا الصلاة وتهاونوا فيها
بعد ان توعد تاركي الصلاة والمتهاونين فيها جاء ليذكر برحمته ولطفه بعباده وانه توااب على من تاب وهو القائل سبحانه "قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
فاستثنى من هؤلاء الذين سيلقون الغي فقال سبحانه " إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا " فالعبد ان تاب واستغفر وصَدَّق ذلك بالعمل الصالح الله يغفر له ولا يظلم احدا شيئا سبحانه
ـ" فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا" هؤلاء التائبون العاملون للصالحات مآلهم الجنات ولن يبخسون اجورهم ولو مثقال ذرة فالتوبة تجب كل ماقبلها
بعد ذلك يصف الباري عز وجل الجنات المعدة لهؤلاء المؤمنين فيقول سبحانه " جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)"ـ
قوله تعالى " جَنَّاتِ عَدْنٍ " جنات اقامة عالية خالدين فيها ابد الابدين لانهم لما جاءهم امر الله اتبعوه وصدقوا الرسل .هذه الجنات فيها مالا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر في هذه الجنات ينالون اجورهم موفاة ولا يظلم الله احدا ولو مثقال ذرة من خردل ، والله سبحانه وتعالى وعدهم بدخول هذه الجنة ،فيقولون عند دخولهم اليها "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ" ـ
وقال الله فيهم في اصحاب الجنة : " لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلا سَلامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)"ـ
اي لايسمعون في الجنة اللغو ،واللغو هو الكلام الباطل الفاحش البديء ،ومالا ينفع من الكلام .وقال ابن عباس اللغو كل مالم يذكر فيه الله جل وعلا
هؤلاء المؤمنون عندما كانوا في الدنيا ينزهون اسماعهم عن اللغو لقوله تعالى "وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ" القصص -55
وقال ايضا " قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ *وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ"المؤمنون
وقال تعالى "وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا" الفرقان-71
لذلك نزههم الله عن اللغو في الجنة وقوله سبحانه " إِلا سَلامًا " قيل سلام بعضهم على بعض وقيل سلام الملائكة عليهم
ثم قال تعالى :" تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)"ـ
صرح الحق سبحانه في هذه الاية وفي آيات اخرى كثيرة ان هذه الجنة اعدت للمتقين فقد قال تعالى "وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" ـ
وجماع التقوى هو فعل الواجبات وترك المحرمات ،والتقوى تزداد في القلب بازدياد الايمان وقد جمع الله خصال التقوى في اية في سورة البقرة هي قوله سبحانه " ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب" البقرة :177
قوله تعالى : " وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) " ـ
قيل في سبب نزول هذه الاية ان جبريل عليه السلام ابطا في النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم 40 يوما وقيل 15 يوما فلما نزل قال له الرسول صلى الله عليه وسلم مانزلت حتى اشتقت اليك فقال له جبريل بل انا كنت اليك اشوق ، ولكنني مامور فاوحى الله اليه هذه الاية
وقيل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ياجبريل مامنعك ان تزورنا اكثر مما تزورنا فنزل بهذه الاية . والمقصود ان جبريل عليه السلام مامور ، متى امره الله عز وجل بالنزول ينزل فينفد امر الله عز وجل في النزول وينزل
ونستفاد من هذه الاية استحباب مجالسة الصالحين واستحباب زيارتهم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما ان تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة " متفق عليه
وقال عليه افضل الصلاة والسلام : " من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلاً " اخرجه الترمذي
وقال ايضا صلى الله عليه وسلم :" لا تصاحب إلا مؤمنا ، ولا يأكل طعامك إلا تقي" وقال عليه افضل الصلاة والسلام :" المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل
نتوقف هنا بحول الله ونكمل في الحصة القادمة ان شاء الله تفسير الاية
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لااله الا أنت نستغفرك ونتوب اليك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المشتاقة للجنان




عدد المساهمات : 50
تاريخ التسجيل : 09/06/2008

تلاخيص دورة تفسير سورة مريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلاخيص دورة تفسير سورة مريم   تلاخيص دورة تفسير سورة مريم I_icon_minitimeالجمعة 11 يوليو 2008, 7:18 pm

تلخيص الدرس السابع من دورة تفسير سورة مريم

من القاء : استاذتنا ام ايمان

ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادى له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، اللهم صلى على محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين...ـ


اما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار توقفنا في الحصة الماضية عند الاية التالية من سورة مريم "وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64)ا
وذكرنا سبب نزول هذه الاية ، وقلنا ان هذه الاية كانت جوابا للنبي صلى الله عليه وسلم لاستبطائه الوحي
هنا في هذه الاية يخبر جبريل عليه السلام انه مامور من عند الله عز وجل بقوله "وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ " اي ان الله سبحانه وتعالى هو الذي يملك كل شيء من امرنا " لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ " اختلف المفسرون في تفسير هذا القول ، فقيل المراد بما بن ايدينا امر الدنيا ، وماخلفنا : من امر الاخرة ومابين ذلك : مابين النفختين . وقيل ايضا المراد ب " لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا " مانستقبل من امر الاخرة وب " وَمَا خَلْفَنَا " ماخلفنا ومامضى من امر الدنيا و" وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ " اي مابين الدنيا والاخرة من وقتنا الحاضر . وقد قال تعالى في سورة طه "يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا
وقيل ان معنى الاية ان الله له ملك السماوات والارض ومابينهما وكل المخلوقات هي ملك للحق سبحانه وسترد الى الله عز وجل قال الله تعالى "أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ
وقوله سبحانه " وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا " هنا يقول الحق سبحانه مخاطبا رسوله الكريم :اذا تاخر عليك جبريل في التنزيل فما نساك يامحمد ربك فهو يتعالى عن ذلك علوا كبيرا سبحانه ، ولكن ينزل الوحي عندما تقتضي حكمته ذلك
في هذه الاية ينزه الحق سبحانه نفسه عن النسيان ،قد يقول البعض كيف ذلك والحق تبارك وتعالى يقول "الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ "(التوبة :67) ، ويقول ايضا " فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ "(السجدة:14)ـ

فما هو موهم التعارض بين الايات . الجواب هو ان النسيان في هاتين الايتين الاخيرتين ليس معناه نقيض الذكر ولكن المعنى هنا هو الترك والاهمال والاعراض وان الله يطردهم من رحمته
قوله تعالى :"رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65) "ـ
يثبت الحق سبحانه في هذه الاية الربوبية له سبحانه دون سواه ويحث على الاصطبار على العبادة فيقول سبحانه "رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا " لا ربوبية لغيره ولا شريك معه سبحانه هو رب وخالق السماوات والارض ومابينهما ، ومالكهما ومالك مابينهما فكما اليه تدبير الازمان ، اليه تدبيرالاعيان سبحانه فهو الخالق والمدبر والمتصرف في كل شيء
ـ" فَاعْبُدْهُ " اي وحده فهو المستحق للعبادة ، والعبادة هي لفظ جامع لكل مايحب الله تعالى ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة ، وحقيقة العبادة هي الطاعة بغاية الخضوع ولا يستحقها احد سوى المالك المعبود سبحانه . قال تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ "(الذاريات :56)ـ
العبادة تكليف من الله عز وجل ، وكل تكليف لا يخلوا من المشقة " وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ" فالعبادة ليست فقط الشعائر بل هي كل نشاط يقوم به الانسان : كل حركة ...كل خالجة ...كل نية ...كل اتجاه ، وهذا ليشق على المرء توجيهه كله لله وحده دون سواه ، فلذلك علينا ان نتحلى بالصبر والتقوى فمن ليس له زاد من التقوى والصبر لن يقوى على طول الطريق وبعد المسير ومشاق وتكاليف العبادة . ومن يتصبر يصبره الله ، ومااعطي احد عطاءا خير واوسع من الصبر , فعلينا أن لا نستوحش من قلة السالكين ونتحلى ونتزود بالصبر فإنه خير ما ا يعطاه الأنسان ,قال تعالى:" وأمر أهلك بالصلاة وأصطبر عليها
ـ"هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا " هل تعرف له نظيرا ؟ تعالى سبحانه عن السمي و النظير .هل تعلم ان له سبحانه مثيل او شبيه هل تعلم لله مثل أو كفؤ يستحق العبادة كما يستحقها الله سبحانه وتعالى كلا " لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "(الشورى:11)ـ
ثم ذكر الله تبارك وتعالى إنكار المنكرين للبعث ورد عليهم بذكر أدلة إمكان البعث وتوعدهم إن هم أصروا على التكذيب بنار حامية يصلونها يوم القيامة,
ا" وَيَقُولُ الإنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) "هذا الانسان يسال مستنكرا للبعث : ائذا مامت لسوف اخرج حيا ؟؟؟هذا الانسان المقصود به الكافر المنكر للبعث والحشر والحساب فهو يسال متعجبا ومستنكرا كيف بعد ان اموت وابلى أُخرج مرة اخرى ؟؟؟ قال تعالى "وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ "(الرعد:5) ـ
وهناك ادلة كثيرة في القرآن تدل على البعث يوم القيامة ونستفيد منها الرد على منكري البعث بالبراهين والادلة الكونية والعقلية ، ومن هذه الادلة في القرآن :ـ
ـ خلق السماوات والارض وخلق الكون لقوله تعالى " لَخَلْقُ السَّموَاتِ وَالأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " (غافر :57)ـ
ـ البعث اهون على الله سبحانه من النشاة الاولى لقوله تعالى :"وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ( الروم :27)ـ
.وقوله سبحانه "أَوَلا يَذْكُرُ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا "(مريم :67)ـ
ـ النوم ،فهو ميتة صغرى لقوله تعالى :"وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ" (الانعام :60)، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قول "باسمك اللهم أموت واحيا " عند النوم ، وعند الاستيقاظ " الحمد لله الذي احيانا بعدما اماتنا واليه النشور " ، وقال تعالى "اللَّهُ يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " (الزمر:42)ـ
ـ احياء الله الارض بعد موتها لقوله تعالى :" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "(فصلت:39) وقوله تعالى "وَآيَةٌ لَهُمُ الأرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ "(يس:33) وقوله سبحانه " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ"(الحج:5)ـ
ثم يبن الباري عز وجل ان هذا الاعتراض والانكار للبعث منشؤه غفلة الانسان عن نشاته الاولى .فاين كان ؟ وكيف كان ؟ فقال تعالى " أَوَلا يَذْكُرُ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67) " فالانسان لم يكن ثم كان ، اوجده المولى بقدرته والبعث اقرب الى التصور من النشاة الاولى لو انه يتذكر، فهنا الحق سبحانه يستدل ببدء الخلق على اعادته فالله سبحانه وتعالى خلق الانسان ولم يك شيئا افلا يقدر على اعادته !! وقد جاء في الحديث القدسي بصحيح البخاري :"يقول الله تعالى: كذبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني، وآذاني ابن آدم ولم يكن له أن يؤذيني، أما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليّ من آخره، وأما أذاه إياي فقوله: إن لي ولدًا، وأنا الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد
ثم يعقب الحق سبحانه على هذا الانكار والاستكبار بقسم تهديدي فيقول سبحانه "فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68)ا
يقسم الباري عز وجل بربوبيته واضافها الى النبي صلى الله عليه وسلم تشريفا وتكريما وتعظيما له ، يقسم المولى بحشر كل كافر مع شيطانه ، فكيف ذلك ؟لن يحشرهم الباري لوحدهم بل مع شياطينهم الذين كانوا يعبدون من دون الله والذين كانوا يوسوسون لهم بالانكار. فبينهم علاقة التابع والمتبوع القائد والمقود. ويصف لنا الباري صفة حشرهم فهم يحشرون جاثين على ركبهم حول جهنم غير مشاة على اقدامهم فقد قال تعالى " وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ـ"(الجاثية :28)ـ
ثم يقول تعالى " ثُمَّ لَنَنزعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)ـ
بعد ذلك يامر الله تعالى زبانية النار فتخطف من شياطين الأنس والجن أكابرهم الذين ضلوا وأضلوا غيرهم عن سواء السبيل، ينزع ويجدب الاكثر تجبرا وعتوا
ثم يقول سبحانه "ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70) " اي ان الله سبحانه لا ياخد جزافا من هذه الجموع بل الله عالم كامل العلم بالذين استحقوا هذه النار والخلود فيها وسيصلوها وتغمرهم وتحيط بهم من كل الجهات

وقوله تعالى "وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71) " ختلف المفسرين في قوله تعالى "وَإِنْ مِنْكُمْ " فقيل الواو تفيد القسم اي بمعنى والله ان منكم الا واردها ، او بمعنى والله مامنكم من احد الا واردها واستدلوا بذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "مامن احد يموت له ثلاث من الولد فتمسه النار الا تحلة القسم " وفسر المفسرون تحلة القسم بقوله تعالى " وان منكم الا واردها
وتدل هذه الاية على ان الدخول يعم الكل ، الكل سيرد جهنم سواء كان بارا ام فاجرا ،ظالما ام عادلا ...."كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا " اي ان هذا الامر شيء لازم وواقع لا محالة .فكيف يكون حال المؤمنين ذلك اليوم ؟؟؟؟ هنا يقول تعالى " ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72) " هؤلاء المؤمنين تزحزح عنهم النار وينجون منها اما الظالمون الكافرون فه سيبقون فيها خالدين ابد الآباد يبقون في النار جاثين جثو الخزي والمهانة
فعلى قدر الاعمال الصالحة والايمان والتقوى والورع تكون سرعة الخروج من النار يوم القيامة ،فمنهم من لا تمسه النار البتة ومنهم من يخلد فيها ، ومنهم من يذوق حرها ومنهم من يمسه لهيبها ومنهم من يكردس فيها ثم يخرجه الله تعالى برحمته وشفاعة الشافعين ، ومنهم من يجعل الله تعالى عليه النار بردا وسلاما كما جعلها على ابراهيم عليه السلام
ومن هذا المشهد المفزع الذي يجثوا فيه الظالمون ذلا وهوانا ينتقل بنا السياق الى منظر من مناظر الدنيا حيت كان هؤلاء يتعالون على الذين ءامنوا ويعيرونهم بفقرهم ويتباهون بثرائهم ومظاهرهم فيقول الحق سبحانه "وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا
و لما كان القرآن يقرا على هؤلاء الكفار في الدنيا كانوا يقولون نحن لدينا المال والجاه والسلطة الى ماغير ذلك من حطام الدنيا الزائل ، وكانوا يظنون ان الله راض عنهم بان اعطاهم ذلك كله فاذا قرا عليهم القرآن تعززوا بالدنيا وقالوا : كيف نكون على باطل ونحن لدينا كل هذا المال والجاه والسلطان ؟؟؟ فاهل الدنيا يستدلون بسعة الدنيا وكثرة الرزق ومااتاهم الله من القوة على انهم اهدى سبيلا من المؤمنين لانهم راوا ان لديهم كل شيء والمسلمون ضعفاء فقراء قال تعالى " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ" (الاحقاف :11)ـ
وقد كان غرض الكفار من هذا القول ادخال الشبهة على المستضعفين من المسلمين وايهامهم ان كثرة المال والجاه والابناء هو الدليل على كونهم على حق وان غيرهم على باطل فكانوا يقولون لهم نحن أكثر منكم أموالا وأولادا وجاها وسمعة فكيف تزعمون أنكم أهدى منا ؟؟ من الأولى بالهدى نحن الأغنياء أم أنتم الفقراء ونسوا أن سنة الله تبارك وتعالى في اتباع الرسل من الفقراء والمساكين والله سبحانه وتعالى له حكمة من ذلك، فالله سبحانه وتعالى يريد من العقيدة ان تقف مجردة من الزينة والطلاء ، عاطلة من عوامل الاغراء حتى يقبل عليها من يريدها لذاتها خالصة لله من دون الناس وينصرف عنها من يبتغي المطامع والمنافع والمال والمتاع
ثم يقول تعالى رادا على شبهتهم تلك "وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) " يريدنا الحق ان نعتبر ويريد من هؤلاء الكفار الذين يستكبرون الاتعاظ والاعتبار بمصيرالكفرة والفجرة السابقون الذين عذبهم الله وأهلكهم وأبادهم كانوا أكثر أموالآ وأكثر أولادا ,اعز نفرا وأقوى جاها ,احسن أمتعة ومظهرا من الكفار المعاصرين . فلو تذكر الانسان وتفكر في حال تلك الامم مااخذه الغرور والتكبر، فكم من امة كانت اشد قوة واكثر اموالا واولادا ومع ذلك لم يمنعها ذلك من ان يحيق عليها عذاب الله لكفرها وطغيانها
ثم يقول الحق سبحانه " قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) " فبعد ان نبه الله سبحانه هؤلاء الكافرين وذكرهم بمصير من سار على نهجهم من الامم الغابرة والقرى الظالمة الذين كانوا احسن اثاثا اي متاعا ورئيا اي ذَوُوُا مناظر حسنة
كما اهلكهم المولى وابادهم يحذر هؤلاء الكفار من اهلاكهم بالمثل ، ومن كان في الكفر واصر على البقاء في الضلال رغم هذا كله " فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا " اي انه من كان ضالا مد الله في ضلاله حتى يطول اغتراره في الدنيا فيكون ذلك اشد عذابا له يقول تعالى " وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ "(ال عمران :178)ـ
ولابد لهم من عذاب مهين يوم القيامة "حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا " في ذلك اليوم سيعلمون من كان على الحق من غيره ، عندما يرون العذاب في الدنيا او حلول الساعة يوم القيامة عندها سيكشف عنهم غطاء الغشاوة ويرون الحقائق بأم أعينهم ويرون من هو شر مكانا واضعف جندا
ويقول تعالى " وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) "اي يثبث الله الذين ءامنوا على الهدى ويزيدهم ايمانا على ايمانهم وهداية فوق الهداية .ونستفيد من هذه الاية ان الهداية تزيد وتنقص كما ان الايمان يزيد وينقص . وكما ان الايمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي كذلك الهداية تزيد بالعمل الصالح والطاعات
لهذا نقول في كل صلاة " اهدنا الصراط المستقيم " نطلب الزيادة في الهداية فالمصلون هم مهتدون اصلا ويقولون ذلك يطلبون الزيادة في الهداية ومعنى سؤالهم الثبات على الهداية . اي ثبتنا على هذه الهداية وزدنا منها ،فالانسان مافاته من الهداية اضعاف اضعاف ماهو عليه لذلك يجب علينا طلب الزيادة منها . وقوله سبحانه "وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا " فالباقيات الصالحات خير من كل مايتباهى به اهل الارض من اموال وبنين وغير ذلك ، فجزاؤها خير جزاء وعاقبتها ومردها على صاحبها خير من كل مافي الارض جميعا
وقوله تعالى " أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا (77)" قيل في سبب نزول هذه الاية ان الخباب ابن الارث رضي الله عنه كان حدادا بمكة وصنع شيئا للعاص ابن وائل على اجل فاراد ان يتقاضا اجره فأتى العاص ابن وائل يطلب اجرته فقال له العاص ابن وائل: لا والله لا اقضيك حتى تكفر بمحمد فاجاب الخباب ابن الارث رضي الله عنه لا والله لن اكفر بمحمد حتى تموت وتبعث فقال العاص ابن وائل : فاني اذا مت ثم بعثت جئتني وانا ثَمَّ وَلِيَ مال وولد فاعطيتك فنزلت هذه الاية
نتوقف هنا لليوم ونكمل في الحصة القادمة بحول الله وقوته


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
om nawara




عدد المساهمات : 4
تاريخ التسجيل : 04/06/2008

تلاخيص دورة تفسير سورة مريم Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلاخيص دورة تفسير سورة مريم   تلاخيص دورة تفسير سورة مريم I_icon_minitimeالسبت 12 يوليو 2008, 4:08 pm

بسم الله الرحمن الرحيم

ملخص الدرس الثامن و الأخير من تفسير سورة مريم


ألقى علينا هذا الدرس أستاذتنا : " أم إيمان "
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادى له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، اللهم صلى على محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين...
اما بعد:
فقد توقفنا فى الدرس الماضى وذكرنا قبل ذلك عن سبب نزول قوله تعالى: { أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا}قلنا أن سبب نزول هذه الآية أن خباب بن الأرت رضي الله عنه كان حدادا فصنع للعاصي بن وائل شيئا من الحديد على أجل ثم جاءه يتقاضاه فقال له العاصي لاأقضيك حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فقال خباب والله لاأكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث فقال له العاصي وإني لمبعوث بعد الموت ؟ قال نعم قال إذا سيكون لي هناك مال وولد فأقضيك هناك فنزلت هذه الآية .
هكذا قال العاصي , هذه عقيدته أنه لايبعث بعد الموت { ولئن رددت الى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا}

{أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}

ما دليله وما حجته أَطَّلَعَ الْغَيْبَ ولا يعلم الغيب الا الله سبحانه وتعالى هل اطلع الغيب وكشفت عنه الحجب ورأى الآخرة ومافيها ورأى أن له فيها مالا وولدا
هنا يقول الله تعالى بأسلوب أستنكارى أستفهامى عن هذا الكافر هل هو أطلع على الغيب أو كشف الغيب أم أتخذ عهدا من الله أن الله تعالى القيامة سيعطيه مالا وولدا وكل شىء.

{كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا}

(كلا) كلمة زجر ووعيد ونفى فهو لم يطلع على الغيب ولم يتخذ عند الرحمن عهدا

(سنكتب ما يقول ) أى ان لكل انسان ملائكة تسجل عليه مايقول على اليمين وعلى الشمال كما قال الله تعالى : {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد} سورة ق الآية 18 فهذه الكلمة التي قالها كتبها الله تبارك وتعالى شأنها في ذلك شأن كل كلام يتكلمه الأنسان فكل كلمة يتفوه بها الأنسان يكتبها الملكان إن كانت خيرا او شرا حسنة أو سيئة يكتبها ثم الله سبحانه وتعالى يجزيه بها يوم القيامة ,فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ,

(ونمد له من العذاب مدا) ثم يمد له الله من العذاب مدا أى سيرى الأنسان الأعمال التى عملها بالخير أو بالشر ويجزى بها يوم القيامه
وقسم العلماء الكلام الى أربع أقسام: خير محض- شرمحض- خير مشوب بالشر والخيرأغلب- شر مشوب بالخير والشر أغلب.
ووصنا الرسول –صلى الله عليه وسلم- وكان يحثنا أن نقول خيرا أو لنصمت فى حديثه
"من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيرا أو ليصمت"
أذن لنا بالخير من الكلام ونهانا عن ثلاثة أرباع هذا الكلام الباقيه لأنها كلها ستسجل لنا من قبل الملكين, وقيل أن الله جل وعلا جعل للأنسان فم واحد وأذنين ليسمع أكثر مما يتكلم. {ونمد له من العذاب مدا}
(مدا) والمد فى الأيه من المدد أى الزياده أى سندخله جهنم يصلاها مذموما مدحورا يذوقوا فيها العذاب ثم هو دائما فى زياده أى يزيده من العذاب دائما بعد أن يدخله جهنم ويعذبه ويزيد له العذاب فيها.

{وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا}

أى نسلبه ما أعطيناه فى الدنيا من مال وولد ويأتينا فرادا, وقيل نحرمه ما تمناه فى الأخره من مال وولد ويجعله عبرة لغيره من المسلمين .وقال ابن عباس اي نرثه المال والولد بعد اهلاكنا اياه ويأتينا فردا لا مال له ولا ولد ولا عشيره تنصره. قال تعالى: { ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم اول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم} وقال صلى الله عليه وسلم
"يتبع الميت تلاثة اهله وماله وولده فيرجع اثنان ويبقى واحد يرجع اهله وماله ويبقى عمله" .


وقال تعالى: {انا نحن نرث الأرض ومن عليها والينا يرجعون}

{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا}
هنا يقول الله جل وعلا عن هؤلاء المشركين الذين أتخذوا ألهة من دون الله هؤلاء كانوا يطلبون بها العزه والمنعة والرياسه والمجد وكانوا يطلبون العزه من غير مالكها لأن الألهه التى كانوا يعبدونها كانت لا تملك لهم شيئا وقال تعالى : {من كان يريد العزة فلله العزة جميعا} اى لا يملك العزة الا الله ولا يطلبها من غير مالكها فهو وحده العزيز ووحده يعز من يشاء ويذل من يشاء.
(ليكونوا لهم عزا) أى لا يعزوهم أبدا بل يكونوا عليهم ضدا.

{كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا}

(كلا) كلمة زجر ونفى بل لن يكون لهم ما تمنوا بل سيكفرون بعبادتهم ويكونوا لهم ضدا فلن يعزوهم فى الدنيا ولا يمنحوهم العزه والغلبه بل سيتبرءون منهم ويكونوا لهم ضدا.
قال تعالى : {ومن أضل من يدعوا من دون الله من لايستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون واذا حشر الناس كانوا لهم اعداءا وكانوا بعبادتهم كافرين} فهم لايعزونهم في الدنيا ولايمنعوهم من عذاب الله يوم القيامة
قال تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون لايستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون} .


{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}
(الأز) هوا لهز تؤزهم أزا أي تهزهم هزا والهز هو تحريك الشيء بشده أي أن الله أرسل الشياطين على هؤلاء الكافرين تدفعهم دفعا إلى المعصية وإغوائهم إغواء أو تطغيهم طغيانا, وقيل تغريهم على المعاصي فالله جل وعلا عندما ابتغوا غير الله فبعث عليهم الشياطين تؤزهم أزا أي تدفعهم دفعا إلى المعاصي ونرى الكافر سريعا فى معصية الله بطيئا عن الطاعه لله لأن الله بعث لهم الشياطين تؤزهم أزا.
و قد يتسائل البعض اذا كان الله قد سلط عليهم الشياطين لما يعذبهم؟؟؟
ونحن نقول لهم ان الله لم يسلط عليهم الشياطين الا بعد اعراضهم عن الله وعن الهدى الذي جاء به الحبيب المصطفى قال تعالى: { ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون} فتسلك الشياطين على الكافرين لم يكن الا بعد ان تبرأوا من الله واعلنوا ولايتهم للشيطان فلو أخلصول لله لتولهم ولحفظهم فالله تعالى قال للشيطان {ان عبادي ليس لك عليهم سلطان} والشيطان اعترف بذلك فقال { الا عبادك منهم المخلصين} فهؤلاء الكافرين الذين تولوا الشيطان من دون الله وكلهم الله الى الشيطان الذي تولوه من دون الله عز وجل .


{فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا}

اى يقول الله تعالى لرسوله لا تستعجل هلاكهم انما نعد لهم عدا اى ان الله جعل لكل أجل مسمى اذا جاء هذا الأجل لن نؤخرهم, فالأمم الظالمه سمى لهم أجلا ووقتا محدودا فأنها ستزول وتهلك وتبيد فى هذا الأجل ومهما استعجل المسلمون فى اباده هؤلاء الكافرون فلن يبيدوا الا فى هذا الأجل.
(عدا) هنا أى العد ومن الشىء المعدود وهذا لأن الشىء المعدود يكون قليل فيعد بسهوله واى ان اجلهم معدود اى قليل, فالامم الظالمه لهم الأجال معلومه ومعدودهز
وعن بن عباس كان اذا قرأ هذه الأيه بكى ويقول ما بعد العد الا الموت وما بعد العد الا الفراق أى فراق الأهل وما بعد العد الا دخول القبر.

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}

ذكر الله جل وعلا هنا أهوال يوم القيامه وصفة الحشر للمتقين المؤمنين وصفة الحشر للكافرين المجرمين.
والوفد جمع وافد كمثل ركب وراكب.
فالله جل وعلا يصف حشر المتقين يوم القيامه يحشرهم وفدا ومن عادة الوافد انه يقدم راكبا وانه عندما يقدم لشىء يقدم وكله أمل ورجاء فى قضاء ما جاء له وفى اعطاء ما سأله فالمتقون يحشرون ركبانا وكلهم أمل ورجاء وطمع فى رحمة الله ومغفرته.

{وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا}

الورد مقابل الوفد فقلنا ان الوفد الراكب اما الورد الماشى وقيل بعض المفسرون الورد هم العطاشى اى سيأتون يوم القيامة مشاة وعطاش.
وقيل انه يوم القيامه عندما يحشرهم الله جميعا بعد بعثهم من القبور يقفون والسماء فوقهم دانيه والزحام شديد وفى هذه الساعة يكرم المؤمنين فى هذا الموقف فى أرض المحشر فيطعمهم ويسقيهم .
ويقول النبى –صلى الله عليه وسلم- "تكون الأرض يوم القيامة كالخبزه يتكفأها الجبار بيمينه كما يتكفأ أحدكم خبزه فى السفر".فالمؤمنون يساقون الى الجنة وقد شبعوا وسقوا , أما المجرمين فيوساقوا وردا اى يكونوا ماشين وعطاشى.

{لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}

يقول الله تعالى ان الذين عبدتوهم من دون الله لا يملكون الشفاعة فكيف ترجون الشفاعه وهم لا يملكون الشفاعة الا الله {قل لله الشفاعة جميعا} وكقوله تعالى : {من ذا الذى يشفع عنده الا بأذنه} فهو الذى يأذن للشافع اكراما له وفضلا على رؤوس الأشهاد وتكون الشفاعة محدده فى هؤلاء, فالمشفوع رحمة به وللشافع اظهارا لفضله ومنزلته عند الله تعالى وقال تعالى: {لا يشفعون الا من ارتضى} , وفى حديث للرسول-صلى الله عليه وسلم- فى الشفاعه يقول: "فيجد لى ربى حدا فأخرجهم من النار ثم أعود فأشفع فيشفعنى ربى فيجد لى حدا فأخرجهم من النار".(عهدا) والعهد هو الذى يحق للأنسان الشفاعه للأنسان يوم القيامه وهو ( لا اله الا الله) فمن قالها خالصا مخلصا به قلبه فهذا الذى تناله الشفاعه يوم القيامه, وعن ابى هريره –رضى الله عنه- قال " يارسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامه قال لقد ظننت ياأبى هريره ان لن يسألنى عن ذلك قبلك لما رأيت من حرصك على الحديث أسعد الناس بشفاعتى يوم القيانه من قال لا اله الا الله خالصا من قبل نفسه" .
ومن الوسائل التي تنال بها شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أن نصلي عليه بعد كل اذان وأن نسأل له الوسيلة قال صلى الله عليه وسلم " اذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثل مايقول ثم صلوا علي فمن صلى علي مرة صلى الله بيها عليه عشرة ثم سلوا الله لي الزسيلة فانها منزلة في الجنة لاتبتغى الا لعبد واردوا ان اكون انا هو فمن سال الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة".

{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا}

من قال؟ هؤلاء الكفاروالمشركين فنسبوا لله جل وعلا الولد. فمشركوا العرب جعلوا الملائة بنات الله
واليهود قالوا عزير ابن الله
والنصارى قالوا المسيح ابن الله
تعالى وتقدس عن اتخاذ الولد


{لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا}

اى منكرا عظيما والأد عند العرب هى الداهيه العظيمه الثقيله فيسمونه (ادا).


{تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا}

اى ان السموات والأرضمن قوتها وشدتها يتفطرن منه بسبب قولهم اتخذ الله ولدا, ويتفطرن منه أى يتشققن منه غضبا لله سبحانه وتعالى وتخر الجبال أى تنكسر على بعضها البعض متتابعات.

{وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا}

أى لا يليق للرحمن ان يتخذ ولدا بديع السموات ةالأرض أنا يكون له ولدا وما يكون له صاحبه أى لا زوجه فهذا عنوان الضعف والعجز وهذا لا يليق بالله جل وعلا {ليس كمثله شىء وهو السميع البصير}وأن كل مافى السماوات والأرض كلهم عبيد فيستحيل أن يكون له ولدا.


{لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا}

{وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}

اى ان كل واحد منا سيرجع لله جل وعلا فردا لا ناصر له ولا مال ولا ولدا ينفعه اى كما ولدته أمه.
وقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- " مامنكم من أحد لا يكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى الا ما قدم من عمله وينظر أشأم منه فلا يرى الا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى الا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمره".

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}


اي ان الذين آمنوا الايمان التام في الدنيا المستلزم بصالح العمل من عاجل ثوابهم في الدنيا يجعل لهم الرحمن ودا اي محبة في قلوب العباد لأنهم تقربوا الى الله سبحانه وتعالى بطاعته وهذا التقر ب يوجب لهم محبة الله كما في الحديث القدسي ( ماتقرب الي عبدي بشيء احب الي مما افترضته عليه ولايزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فأذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سالني لأعطينه ولئن ا ستعاذني لأعيذنه)
فاذا احب الله العبد الصالح الذي يتقرب اليه بالطاعة حببه الى عباده كما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم " اذا احب الله عبدا نادى جبريل يا جبريل اني احب فلانا فاحبه فيحبه جبريل ثم ينادي جبريل في اهل السماء يا اهل السماء ان الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه اهل السماء ويوضع له القبول في الرضا " اللهم انا نسالك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا الى حبك .

{فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا}

أى يسرنا القرءان يارسول الله بلسانك, وقال بن عباس-رضى الله عنه- لولا ان الله يسره ما استطاع الأنس ان ينطق بحرف منه من كلام الله ولكن الله أنعم علينا بتيسيره.
ولماذا يسر الله القرءان بلسان العرب؟ لتبشر به المتقين المستجيبين لله المصدقين برسوله بما أعد لهم من جنات ونهر عند قدير مقتدر , وينذر به لدا اى ينذر الذين كفروا والذين استكبروا عن دعوة الله , وقيل اللد هو الخصم, وقيل هو الكذاب , واللد هم الذين مالوا عن الحق مائلين الى الباطل والانذار هو الاعلام بالتخويف للذين يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق والله سبحانه وتعالى من ورائهم محيط { يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواهم ويأبى الله الا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا}

هنا يسأل الله تعالى بسؤال كم أهلكنا من القرون؟
وهنا يريد الله جل وعلا أن يذكر الكافرين المشركين فى عصرنا هذا بالأمم السابقه الذين أصروا على عنادهم وعلى تكذيب الرسل وكيف دمرهم وأهلكهم فهل تحس منهم من أحد أى ترى منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا أى هل تسمع لهم صوت.
فيريد الله جل وعلا فى أخر أيه أن نعتبر بهؤلاء المشركين.
فاعتبروا يا اولي الأبصار

هنا وقد أتممنا تفسير سورة مريم بحمد الله وفضله
والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تلاخيص دورة تفسير سورة مريم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» درس مراجعة تفسير سورة مريم على شكل سؤال وجواب
» اسئلة الواجب وحلولها لدورة تفسير سورة مريم
» الدروس المفرغة لتفسير سورة طه
» تلخيص الدرس العاشر والاخير من دورة تفسير سورة الكهف
» دورة تفسير القرآن الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشيخ أبوالبراءالأحمدى :: الفئة الأولى :: القرآن الكريم وتفسيره-
انتقل الى: