ملخص الدرس الرابع لدوره تفسير القران الكريم

ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادى له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون ، اللهم صلى على محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين...
اما بعد:
فقد توقفنا فى الدرس الماضى عند قوله تعالى (وكذلك أعثرنا عليهم )...

( وكذلك أعثرنا عليهم ) اى اطلعنا الناس عليهم ليعلموا ان وعد الله حق وان الساعه لا ريب فيها فهذا دليل حسى ملموس على ان الله تعالى يحيي الموتى ويبعث من فى القبور لأنه يقال انه حصل لأهل ذلك الزمان شك فى البعث ويوم القيامه فانقسموا الى طائفتين ، فطائفه قالت تبعث الأرواح ولا تبعث الأجساد بل تاكلها الأرض وطائفة اخرى قالت تبعث الأرواح والأجساد فبعث الله اهل الكهف حجة ودلاله على البعث اى اننا كما ارقدناهم ايقظناهم بهيئاتهم..
( اذ يتنازعون بينهم امرهم ) اى يتنازعون فى امر القيامه ، (فقالو ابنوا عليهم بنيانا ربهم اعلم بهم ) قال الملك ابنوا عليهم بنيانا اى سدوا عليهم باب الكهف وذروهم على حالهم ولكن قال الذين هم على دين الفتيه اتخذوا عليهم مسجدا ، ويقال ان الملك اراد ان يدفنهم فى صندوق من ذهب فأتاه ءات فى المنام ويقال ان هذا الآتى من الفتيه انفسهم فقال للملك : اردت ان تجعلنا فى صندوق من الذهب فلا تفعل فانا من التراب خلقنا واليه نعود فدعنا ، ( قال الذين غلبوا على امرهم لنتخذن عليهم مسجدا ) روى عن ابى مرصد الغنوى قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " لا تصلوا الى القبور ولا تجلسوا عليها " اى لا تتخذوها قبله فتصلوا اليها او تصلوا عليها كما فعل اليهود والنصارى فقد كانوا يتخذون قبور انبيائهم مساجد يصلون اليها وعليها وذلك يؤدى الى عبادة من فيها اى قاموا يعبدون من فيها وهذا هو السبب فى عبادة الأصنام عندما نشات فى قوم نوح فقد كان هناك رجال صالحون فى ذلك الزمان وهم ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا ولما ماتوا قال الناس نقيم لهم صورا تعظيما لهم وحتى لا ننساهم فأتت الأجيال التاليه وظنوا ان اباءهم كانوا يعبدون هذه الصور فبدات عبادة الأصنام ، وعن عائشه - رضى الله عنها - انها ذكرت لرسول الله كنيسه رأتها بأرض الحبشه وما فيها من تصاوير فقال النبى " اولئك كانوا اذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا واتخذوا فيه تلك الصوراولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامه "..
اذا لا يجوز ان يبنى القبر نفسه ولا يبنى عليه فضلا عن ان يبنى عليه مساجد وحتى انه صلى الله عليه وسلم وهو فى سكرات الموت لم تشغله سكرات الموت عن تحذير امته من اتخاذ قبور الأنبياء مساجد فقال " لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد " (قال الذين غلبوا على امرهم ) الغلبه دائما تكون للسلطان للتملك وحاشيته واتباعه ، ( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم) قسم قال ثلاثه رابعه كلبهم وقسم قالوا خمسه وسادسهم كلبهم ( رجما بالغيب ) اى قولا بلا علم كما نرمى الى مكان لا نعرفه بدون اى علم ، وقد اختلفت الآراء على ثلاثة اراء فى عدة اصحاب الكهف كم كانوا ولكن الله اشار فى هذه الآيه الى بطلان قولين والصواب راى واحد وهو الثالث ، كيف وضح ذلك الله جل وعلا؟ وضح ذلك بكلمه رجما بالغيب فقد قالها بعد الراى الأول والراى الثانى والدليل على ذلك انه لما قال ( سبعة وثامنهم كلبهم ) لم يقل رجما بالغيب ، ويقال ان الله - عز وجل - لما قال ( قل ربى اعلم بعدتهم ما يعلمهم الا قليل ) فقال ابن عباس انا من القليل الذين يعلمون عدتهم كانوا سبعه وثامنهم كلبهم ، وقد ارشدنا الله فى هذه الآيه الى ان الأحسن فى مثل هذه المواقف رد العلم الى الله ، (ما يعلمهم الا قليل ) امر الله نبيه فى هذه الآيه الى ان يرد العلم الى الله ، (ولا تستفت فيهم منهم احدا ) هنا يوضح لنا الله - عز وجل - وينهينا عن استفتاء الجاهل الذى لا علم له وعلينا ان نستفتى العلماء المتخصصين والراسخين فى العلم الذين تعلموا الكتاب والسنه فى المواقف والأمور التى تنزل بنا وقد روى انه صلى الله عليه وسلم سأل نصارى نجران عنهم فنهى عن السؤال وفى هذا دليل على نهى مراجعة اهل الكتاب فى شئ من العلم ، لماذا؟ لأنهم لا علم لهم .
(فلا تمار فيهم الا مراء ظاهرا) المراء هنا بمعنى الجدال ، لا تمار اى لا تجادل يا محمد فى عدة اهل الكهف بعدما اوحى اليك من شأنهم ما اوحى الله جل وعلا وان تخبرهم بما اوحاه الله اليك من نبأ اصحاب الكهف ، ( الا مراء ظاهرا) اى جادلهم بالتى هى احسن .
(ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله ) يقال ان الله - عزوجل - عاتب النبى - صلى الله عليه وسلم - فى هذه الآيه ويقال ان الكفارلما سألوه عن الروح وعن الفتيه وعن ذى القرنين فأجابهم الرسول : غدا اخبركم بجواب اسئلتكم ولم يستثنى من ذلك اى لم يقل ان شاء الله ، وقال العلماء ان الآيه لم تنزل مباشرة ولكن احتبس الوحى عنه خمسة عشر يوما حتى شق ذلك عليه صلى الله عليه وسلم وارجف الكفار به فنزلت عليه هذه السوره بقوله تعالى ( ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا ) وامر بهذه الآيه الا يقول انى سافعل غدا كذا وكذا الا ان يقول : الا ان يشاء الله اى ان يعلق ذلك بمشيئه الله - جل وعلا - حتى لا يكون محققا لحكم الخبر وهذا خطأ ، ويقال ان سليمان بن داوود قال : لأطوفن الليله على تسعين امراه تلد كل منهن مجاهدا او فارسا يقاتل فى سبيل الله ونسى ان يقول ان شاء الله فلم تلد منهن الا واحده وضعت شق انسان وليس انسانا كاملا فقال النبى : اما انه لو قال ان شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته ، الشاهد من هذا الموقف اننا اذا تحدثنا عن شئ نفعله غدا نقول ان شاء الله ثم قال - جل وعلا - (واذكر ربك اذا نسيت) هذه الآيه لها وجهان ، الأول يقال ان معنى ( اذا نسيت ) اى اذا نسيت هذا الاستثناء (الا ان يشاء الله ) فاذا نسيناه ثم تذكرناه فنقوله ، الوجه الآخر هو انه يحتمل فى هذه الآيه ان يكون الله تعالى ارشد من نسى شيئا من كلامه ان يذكر الله تعالى ، لماذا؟ يقال لأن النسيان منشأه من الشيطان فعندما يذكر الله سيبتعد عنه الشيطان كما قال فتى موسى (وما انسانيه الا الشيطان ان اذكره ) وذكر الله تعالى يطرد الشيطان فاذا ذهب الشيطان ذهب النسيان ، (وقل عسى ان يهدينى ربى لأقرب من هذا رشدا ) اى اذا سئلت عن شئ لا تعلمه فاسأل الله تعالى فيه ان يوفقك للصواب والرشد فى ذلك .
(ولبثوا فى كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا) هذا خبر من الله تعالى الى رسوله بمقدار ما لبث اصحاب الكهف فى كهفهم منذ ارقدهم الى ان بعثهم وعثر عليهم اهل ذلك الزمان ، ويقال ان الزياده التسع سنين تتعلق بكون السنين التى لبثوا فيها سنين شمسيه والزياده التسعه من السنين القمريه لأنها تابعه للفرق بين السنه الشمسيه والقمريه الذى هو احدى عشر يوما ...
ولقد كان النبى حريصا اشد الحرص على استقرار هذه العقيده فى نفوس اصحابه عقيده انه لا يعلم الغيب الا الله حتى يقال انه فى احد الأيام عندما دخل على عروس صبيحة بناها وجد جوارى يغنينا عندها فقالت احداهن وهى تغنى : وفينا رسول يعلم ما فى غد فقال لها الرسول : دعى هذا وقولى الذى كنتى تقولين ولا تقولى وفينا رسول يعلم ما فى غد لأننى لا اعلم الغيب ، ( قل الله اعلم بما لبثوا له غيب السموات والأرض ابصر به واسمع) يقال ان معنى ابصر به واسمع هى تعجب من احاطه الله - عزوجل - بالمرئيات بصرا وبالمسموعات سمعا والمعنى ما ابصره وما اسمعه ، (... ولن تجد من دونه ملتحدا ) اى لن تجد يا محمد من دون الله ملجئا ولا وليا كما فى قوله تعالى " يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " وكما فى قوله تعالى " ان الذى فرض عليك القران لرادك الى معاد " اى ان الله الذى انزل عليك الكتاب سائلك عما فرض عليك من ابلاغ الرساله...
الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات

اسئلة الواجب للدرس الرابع من دروس تفسير سورة الكهف

ـ 1ـ مامعنى قوله تعالى : " واتل مااوحي ليك من قول ربك". ومامعنى التلاوة ؟؟

ـ2ـ قوله تعالى " ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا "وضحي المقصود بقوله سبحانه " وازدادوا تسعا "ـ

حل اسئلة الواجب للدرس الرابع

السؤال الأول:قال الله تعالى (واتلُ مآ أوحى إليك من كتاب ربك لامبدل الكلمته ولن تجد من دونه ملتحداً) ما معنى واتل مآ أوحى إليك ؟؟
** الأمر بالتلاوة يأتي بمعنى الأمر بالقراءة ويأتي بمعنى بالإتباع ، فالتلاوة ليس معناها القراءة فقط، ولكن التلاوة تشمل القراءة والإتباع كما يلي :
1-التلاوة التي هي قراءة فمنه قوله ربنا عزوجل آمرا رسوله أن يقول (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن)فالتلاوة هنا معناها القراءة ،
2-وقوله تعالى (وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين ) ، تأتي التلاوة بمعنى الإتباع.
** قال الله تعالى (وأن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية)فالتلاوة هنا معناها الإتباع والعمل بما في هذا الكتاب ،ولذلك لما ذكر التلاوة ذكر أهم الإعمال الصالحة وهي الصلاة وإيتاء الزكاة فالتلاوة تأتي بمعنى القراءة وتأتى بمعنى الإتباع أما القراءة فتلاوة القرآن قربة من أعظم القرب وعبادة من أجل العبادات ،ويعطي الله تبارك عليها من الأجر والثوب ما لا يعطي على غيرها ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم كثرة هذا الأجر بقوله من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ،ولا أقول آلم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف ).

السؤال الثاني: (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة ٍ سنين وازدادوا تسعاً)، وضحي ما المقصود بقوله وازدادوا تسعاً؟
قال المفسرون :لبثوا ثلاثمائة سنين من السنين الشمسية ،وازدادوا على الثلاثمائة تسعا من السنين القمرية ولان السنة الشمسية تزيد على السنة القمرية كل عام أحد عشر يوما، أحد عشر يوما فرقا بين السنة الشمسية والسنة القمرية فقال الله تعالى( ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة ٍ سنين وازدادوا تسعاً)

جزاكم الله خير