من الآيات القرآن

منيرة كتب:

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحسن الله إليك يا شيخ ونفع بعلمك عندي بعض أسئلة آمل من الله العلي القدير ثم من فضيلتكم الإجابة عليها

السؤل الأول\ قوله تعالى(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَات وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) سورة البقرة 161

ما المقصود هنا باللاعنون؟؟

وما الفرق بينها وبين الآية (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ) ارجوا التوضيح؟؟

السؤل الثاني \ماهو إعراب كلمة يرسل في قوله تعالى( يرسل السماء عليكم مدراراً) سورة نوح رقم 11

وجزاكم الله خيراً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
أختى الكريمة / منيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعــــــــــــــــد
اعلمى رحمنى الله وإياك أن
الله عز وجل قال : " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَات وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ(161) " سورة البقرة
والآية تتحدث عن كتم العلم فكما عند ابن حبان بسند صحيح من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار " .
وعند الطبراني بسند صحيح من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سئل عن علم فكتمه جاء يوم القيامة ملجماً بلجام من نار " .
. وقوله تعالى : { وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ } أي يسألون الله أن يلعنهم ويقولون:اللهم العنهم . ولا شك أن كتمان ماأنزل الله يناسبه استحقاق اللعن من الله تعالى .
وسؤالك عن معنى " اللاعنُون " : وكلمة " اللاعنون " فيها أقوال خمسة .
الأول : أن المراد بهم ، دواب الأرض ، كما عند ابن حبان من حديث البراء بن عازب بسند عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " قال : " دواب الأرض " . وهو قول مجاهد ، وعكرمة . قال مجاهد : يقولون : إنما منعنا القطر بذنوبكم ، فيلعنونهم .
والثاني : أنهم المؤمنون ، قاله عبد الله بن مسعود ، والزجاج وغيرهما ، ورجحه ابن عطية.
والثالث : أنهم الملائكة والمؤمنون ، قال أبو العالية، والربيع بن أنس ، وقتادة : { وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ } يعني تلعنهم ملائكة الله ، والمؤمنون . قال ابن كثير فى تفسيره : إن كاتم العلم يلعنه الله والملائكة والناس أجمعون ، واللاعنون أيضًا ، وهم كل فصيح وأعجمي إما بلسان المقال ، أو الحال ، أو لو كان له عقل ، أو يوم القيامة ، والله أعلم .
والرابع : أنهم الجن والإنس وكل دابة ، كما عند البزار بسند صحيح من حديث أبى هريرة الطويل أن من كتب عليه النار : " يضرب ضربة تسمع كل دابة إلا الثقلين ، ثم يقال له : نم كما ينام المنهوش - فقال أبى حازم راوى الحديث لأبي هريرة : ما المنهوش ؟ قال : الذي ينهشه الدواب و الحيات - ثم يضيق عليه قبره "، قال عطاء بن أبي رباح: كل دابة والجن والإنس. وقال مجاهد: إذا أجدبت الأرض قالت البهائم: هذا من أجل عُصاة بني آدم ، لعن الله عصاة بني آدم .
الخامس: أن جماعة من الصحابة حملوا لفظ " اللاعنون " على العموم ، فعن عائشة رضي الله عنها كما فى الصحيح أنها قالت : من زعم أن محمداً عليه الصلاة والسلام كتم شيئاً من الوحي فقد أعظم الفرية على الله ، والله تعالى يقول : { إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ البينات والهدى } فحُملت الآية على العموم .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لولا آيتان من كتاب الله ما حدثت حديثاً بعد أن قال الناس : أكثر أبو هريرة . وتلا : { إِنَّ الذين يَكْتُمُونَ مَآ أَنزَلْنَا مِنَ البينات والهدى } .
السادس : أن جماعة حملوا لفظ " اللاعنون " على أهل الكتب فقط وقالوا : أن الكتمان لا يصح إلا منهم فقد كتموا ماعندهم فى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وخالفوا شرعه وهم يعلمون أنه الحق ، وقالوا لايصح الكتمان فى القرآن لأنه متواتر .
قلت : وقد حفظ الله عز وجل القرآن من الكتمان والتحريف ، ولكن الكتمان في القرآن كتمان علومه وأحكامه ، والتشرُّع بشرعة غير شرعته والتمنهج بمنهاج غير منهاجه ، عافانا الله من الذلل .
والحاصل أن الذين يكتمون ماأنزل الله يستحقون اللعن من الخلائق كلها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مناسبة هذه الآية { أولئك يَلعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللاعنون } بالآية { أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله والملائكة والناس أَجْمَعِين }
قوله تعالى : { أولئك يَلعَنُهُمُ الله وَيَلْعَنُهُمُ اللاعنون } لم يبين الله عز وجل فى هذه الآية ما اللاعنون ، ولكنه بينها في قوله سبحانه وبحمده:{ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله والملائكة والناس أَجْمَعِين } فكانت الآية الثانية مبينة لما لم يبينه الله عز وجل فى الآية الأولى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والإجابة على السؤال الثالث
إعراب قوله تعالى : " يُرسل السماء عليكم مِدرارا "
من المعروف أن السماء تُحمل على التي هي تظل الأرض ، وكذلك تُحمل على السحاب الذى ينزل المطر ، والتقدير : يرسل من السماء عليكم مدرارا ، فلو حملناه على السماء يكون إعراب " مدرارا " مفعولا به .
وإن حملت السماء على المطر الذى ينزل من السحاب ، كان المطر مفعولا به ، ويكون انتصاب مدرارا على الحال .
والإعراب المجمل للآية
:
يرسل : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الأمر وعلامة جزمه السكون الذى حُرِّك بالكسر لالتقاء الساكنين ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو ــ أى الله سبحانه وتعالى .
السماء عليكم : ــ أى المطر ــ مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة .
مدراراً : ــ أى كثير الدرور ، وجاءت على التذكيرــ حال من السماء منصوبة وعلامة نصبها الفتحة .
هذا والله عز وجل أعلى وأعلم
بارك الله فيك